مضت 39 سنة على المرّة الأخيرة التي ظهر فيها المنتخب السعودي الأول لكرة القدم على ملعب عراقي.. من عاش تفاصيل دورة الخليج العربي بنسختها الخامسة والتي أقيمت في بغداد يشحذ ذاكرته الآن، ويحاول استرجاع صور شتى لذلك اللقاء الذي جمع المنتخبين العراقي والسعودي في اليوم قبل الأخير للبطولة، وكان الثامن من نيسان 1979، وقد كان المنتخب العراقي قبل المواجهة قد حقق خمسة انتصارات متتالية وجمع عشر نقاط في حساب ذلك الزمن، وكان يكفيه التعادل، لكن التتويج لم يكن ليكتمل من دون الفوز على المنتخب السعودي في اليوم الوداعي، وقد تمّ لنا الأمر بالفعل حين تفوقنا بهدفين لفلاح حسن وحسن فرحان، واكتملت بذلك مقوّمات العرس الحقيقي الذي يصاحب تتويج البطل في تلك الأمسية الربيعية!
كل هذه التفاصيل تعود إلى الذاكرة، خصوصاً أن المنتخبين لم يلتقيا لاحقاً على أرض عراقية، وكان اللقاء يتم إما في الملاعب السعودية، أو على الأرض البديلة التي اتخذها منتخبنا جرّاء الحروب العبثية التي حالت بين اللاعب العراقي وبين اللعب على أرضه وبين جمهوره!
ولهذا يحمل سفر السعوديين إلى البصرة ثغر العراق الباسم، مثل هذا التحول الذي يؤكد مجدداً أن الانفتاح على العراق مستمر، وأن ما جنته الرياضة العراقية من عبث السياسة وجرائرها أصبح موضع التحول في الاتجاه المعاكس، لنرى أن كل خطوة انفتاح سياسي لابد أن تسبقها أو ترافقها التفاتة رياضية من باب تمهيد الأرض أو جسّ النبض أو إزالة ما رسب أو علق من مشاعر شتى!!
الخطوات المتتابعة لمجيء المنتخبات العربية ولو على نحو متباعد متباطئ، تستدعي منّا وضع خطوط عامة أو عريضة لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذا الانفتاح.. لا نريد زيارة لمنتخب عربي تبدأ وتنتهي في إطار حدث آني تنتهي مفاعيله مع انتهاء الزيارة.. علينا أن نتمسك بمفردة (توظيف) لهذه الزيارة، من خلال اتفاق واضح للجهات الرياضية والكروية والحكومية المعنية بالأمر من قريب أو من بعيد، وأعني هنا الثالوث (اتحاد الكرة – اللجنة الأولمبية – وزارة الشباب والرياضة).
وفي تقديري أن الخطوة الأولى على هذا الصعيد تتمثل في إيجاد قدر من الثقة بين هذه الأطراف قبل أن نفترضها في أي طرف عربي زائر.. هناك من ينسب كل نجاح لنفسه، وهنالك تزاحم في العلن كما في السر في ربط الزيارات العربية به شخصياً.. وفي الوقت الذي نعرف فيه نحن القريبين بمن يعمل ومن يتحرك ومن ينام في العسل أيضاً، نطالب بإعلاء كلمة (العراق) في هذا التسابق المحموم، وأن يكون الهدف توظيف الانفتاح ومحاولة توسيع الشرخ الحاصل في جدار الحظر، وليس البروز في صيغة المنقذ أو المُخلـِّص للكرة العراقية!
القدوم الكروي العربي إلى العراق، مهما تكن مبرراته ودوافعه، يستوجب وحدة الكلمة والصف هنا في العراق.. هل نعي ذلك حقاً قبل أن تتلاشى كل ثمرة مفترضة من ثمار التحوّل السياسي المُغلف بالكرة؟!
بعبارة أخرى: الاستحواذ على النجاح!!
[post-views]
نشر في: 26 فبراير, 2018: 08:34 م