TOP

جريدة المدى > عام > ليليا ماياكوفسكي وشقيقتها ألزا اراغون

ليليا ماياكوفسكي وشقيقتها ألزا اراغون

نشر في: 3 مارس, 2018: 06:21 م

أ.د. ضياء نافع

ليليا ( او ليلي حسب بعض المصادر العربية ) وشقيقتها ألزا - روسيتان دخل اسمهما في تاريخ الأدب الروسي و تاريخ الأدب الفرنسي في القرن العشرين , الأولى ( ليليا بريك 1891 - 1978 ) حبيبة الشاعر الروسي فلاديمير ماياكوفسكي , والثانية شقيقتها الصغرى ( الزا تريوليه 1896 - 1970 ) زوجة الشاعر الفرنسي لوي اراغون.
تناولت المصادر العربية هذا الموضوع هنا وهناك ولكن بشكل غير واسع وغير معمق وغير شامل أيضاً , ولعل أبرز من كتب حول ذلك هو الكاتب المصري عماد ابو صالح , الذي نشر مقالة شغلت خمس صفحات باكملها في مجلة (الفيصل ) السعودية المعروفة, والتي جاءت بعنوان – ( ليلي بريك من عشيقة ماياكوفسكي الى عميلة في الشرطة السّرية ) , وقد ذكر الكاتب في تلك المقالة معلومات تفصيلية كثيرة عن حياة ليلي و سيرتها الشخصية قبل كل شيء وطبيعة علاقاتها مع ماياكوفسكي و مع رجال آخرين , وعدا ذلك , فان الكاتب ركّز أيضا في مقالته تلك على الموقف السياسي لبريك وزوجها , و أشار الى أنها كانت عميلة للسلطة السوفيتية آنذاك ( كما هو واضح حتى من عنوان تلك المقالة المثير) , بل إنه ذكر أن بعض الادباء الروس الكبار ( مثل يسنين وأخماتوفا ) كتبوا على باب شقتها كلمات مضادة لها تشجب تعاونها مع الشرطة السوفيتية السرية , لكن الكاتب لم يكتب , بل حتى لم يشر بشكل مباشر أو غير مباشر الى المصدر الذي اعتمده بشأن كل هذه المعلومات الخطيرة والغريبة و الفنتازية أصلاً بالنسبة للوضع السوفيتي المتشدد جداً في موسكو , و الذي كان سائداً في عشرينيات القرن العشرين آنذاك بعد ثورة اكتوبر 1917 كما هو معروف .
لم تتوقف المصادر العربية كافة عند تأثير هاتين الشقيقتين على ابداع ماياكوفسكي واراغون , أو الى التفاعل الحيوي الكبير لهما مع تلك القصائد المهمة في تراث الشاعرين الكبيرين , وهو موضوع يقتضي التعمق في دراسة ابداع ماياكوفسكي واراغون طبعاً, وأذا كان اراغون قد أبقى لنا دواوين و قصائد ترتبط باسم ألزا ( مثل عيون ألزا أو مجنون ألزا ) , فان الأمر أصعب بالنسبة لماياكوفسكي . المصادر العربية ركّزت على العلاقات العاطفية الشخصية بين هؤلاء بالدرجة الاولى , إذ نظرت ب ( عيون شرقية جدا !!!) الى الموضوع (والحليم تكفيه الاشارة !), وبالغت فيه , وأضافت اليه طبعا ( كثيرا من التوابل !!!) , ولم تأخذ تلك المصادر بنظر الاعتبار بتاتاً إنهم أبناء مجتمع آخر يختلف أخلاقيا – وبشكل جذري – عن الاخلاقيات السائدة في مجتمعاتنا , ولم يخطر في بال هؤلاء الذين كتبوا حول ليليا وشقيقتها ألزا أسئلة من قبيل – ( كيف استطاعت امرأة روسية أن تصل الى باريس وتتزوج من شاعر فرنسي كبير مثل اراغون , وأن تتحول هي نفسها بعدئذ الى أديبة فرنسية يشار اليها بالبنان كما يقول تعبيرنا الشهير , وأن تكتب نتاجات بلغة فرنسية شفافة ؟؟؟) , أو – ( لماذا كتب شاعر فرنسي بمستوى اراغون تلك الدواوين والقصائد المليئة بالعواطف والاحاسيس الجيّاشة حول هذه المرأة بالذات , والتي لازال القراء وفي كل انحاء العالم يطالعونها بكل حب وتعاطف ولهفة ؟؟؟ ) , أو - ( كيف استطاعت امرأة روسية أن تكرس حياتها في موسكو بعد انتحار ماياكوفسكي لمسألة حفظ تراث الشاعر هذا من الضياع , والاشراف على متابعة طبع نتاجاته , وكيف كتبت بشجاعة وثقة الى ستالين نفسه - وفي تلك السنوات العجاف - حول عرقلة البيروقراطية الروسية لخططها بشـأن هذا الموضوع , وكيف تعاطف ستالين معها فعلا ؟؟؟) , أو - ( لماذا كتب ماياكوفسكي اسمها في وصيته قبل أن ينتحر , طالبا من الدولة أن تعتبرها ضمن افراد عائلته؟؟؟).....وهناك الكثير من المواضيع , التي ترتبط باسم هاتين الشقيقتين في تاريخ الأدبين الروسي والفرنسي , والتي تقتضي البحث والتأمل والتقصي من قبل باحثينا .
موضوع ليليا وشقيقتها ألزا ينتظر الباحثين العرب وموضوعيتهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

إردوغان عن دعوة أوجلان إلى إلقاء السلاح: "فرصة تاريخية"

ترامب: زيلينسكي غير مستعد للسلام

حكمان عراقيان لقيادة نهائي كأس آسيا للشباب في الصين

إيران تعلن الأحد المقبل أول أيام شهر رمضان

وزير الكهرباء الأسبق: استيراد الغاز من إيران أفضل الخيارات

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

الكشف عن الأسباب والمصائر الغريبة للكاتبات

موسيقى الاحد: عميدة الموسيقيين

النقد الأدبي من النص إلى الشاشة

النوبة الفنيّة أو متلازمة ستاندال

صورة الحياة وتحديات الكتابة من منظور راينر ماريا ريلكه

مقالات ذات صلة

علاقة الوعي بالمعنى والغاية في حياتنا
عام

علاقة الوعي بالمعنى والغاية في حياتنا

ماكس تِغمارك* ترجمة وتقديم: لطفية الدليمي بين كلّ الكلمات التي أعرفُها ليس منْ كلمة واحدة لها القدرة على جعل الزبد يرغو على أفواه زملائي المستثارين بمشاعر متضاربة مثل الكلمة التي أنا على وشك التفوّه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram