adnan.h@almadapaper.net
هذا القرار هو ممّا يُصنّف في خانة ذرّ الرماد في العيون، وممّا يُوضع في باب التدليس .. ما كان لحكومة عادلة ولطبقة سياسية حاكمة مسؤولة أن تخرجاه بهذا الشكل البائس وبهذه الصورة الرديئة.
ما أعنيه، القرار الصادر للتوّ بمصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة لأركان نظام صدام حسين. والتدليس في الأمر أنّ الأغلبية الساحقة من أموال وأملاك الاشخاص المعنيين قد انتقلت منذ خمس عشرة سنة إلى أشخاص آخرين هم أركان النظام الحالي وحاشياتهم وذووهم وأحزابهم وميليشياتهم، استولوا عليها بقوة سلطتهم ونفوذهم في النظام الحالي، من دون أن يدفعوا عنها شيئاً إلى الدولة، والذين دفعوا إنّما دفعوا بما يعادل سعر التراب.
القرار الصحيح المتوجّب اتخاذه هو مصادرة هذه الأموال والأملاك من المستحوذين عليها الآن، وهم مسؤولون كبار في الدولة الحالية يعملون في رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ورئاسة مجلس النواب والحكومة ومجلس النواب ومجلس القضاء الأعلى والدوائر والهيئات المتفرعة عنها والنواب والوزراء ومسؤولو الهيئات "المستقلّة" والأحزاب المتنفّذة وزعماؤها وقياداتها.
المشكلة أنّ القرار في صيغته الحالية لا ينطوي على حكم بانتزاع هذه الأموال والأملاك من المستحوذين عليها من أركان النظام الحالي، وبالتالي لن تكون له قيمة حقيقية على صعيد تسجيل هذه الأملاك والأموال لصالح الدولة، فليس من المنتظر، مثلاً، أن تُرغِم الحكومة ساكني عقارات كرادة مريم والجادرية والقادسية في بغداد، بما فيها القصور المُنيفة، على الكفّ عن استحواذها وإخلائها أو شرائها أو إيجارها بأسعار السوق والانتقال للسكن والعمل خارج المنطقة الخضراء والمربّع الرئاسي ومجمّع الوزراء ، إذ من المُقدّر أن يظلّ معظم محتلّي هذه العقارات فيها مقاومين استعادتها منهم بحجّة الأمن، وسوى ذلك.
جانب آخر في القضية لابدّ من الإشارة إليه، فالقرار الذي هو في جوهره عقوبة لأركان النظام السابق وعائلاتهم مدّ نطاق العقوبة هذه إلى الأقارب من الدرجة الثانية عامة (الإخوة والأخوات والأحفاد والأجداد) من دون التثبّت ممّا إذا كان لأقارب الدرجة الثانية جميعاً ذنب فيما ارتكبه أقاربهم من جرائم وما أقدموا عليه من إجراءات مُدانة في ذلك العهد، وممّا إذا كانت أموال وأملاك هؤلاء متأتية بسبب نفوذ أقاربهم. بهذا يكون النظام الحالي قد عمل بطريقة النظام السابق القائمة على العقوبة الجماعية التي كنّا نندّد بها ونشكوها إلى المنظمات الحقوقية الدولية يوم كنّا في المعارضة، داعين إلى تطبيق المبدأ القانوني العادل القائل بأنّ العقوبة شخصية.
من الطريف إنّ القرار الذي تضمّن أسماء المشمولين به، قد نسب لكل واحد منهم عدة زوجات فقد نصّ على مصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة للشخص المعني "وزوجاته وأولاده ....."، والواقع أنّ عدداً ضئيلاً للغاية من أركان النظام السابق كانت له أكثر من زوجه، بخلاف أركان النظام الحالي الذين ما إن ارتقوا مقاعد السلطة حتى استكلبت الأغلبية الساحقة منهم على الاقتران بزوجة جديدة أو أكثر، فضلاً عمّا ملكت أيمانهم، متعةً ومسياراً..!