TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شناشيل: قضاء الحسينيّة يُقدِّم القدوة

شناشيل: قضاء الحسينيّة يُقدِّم القدوة

نشر في: 7 مارس, 2018: 07:46 م

adnan.h@almadapaper.net

 

ليست "الحسينيّة" سوى قضاء من أقضية العاصمة بغداد، مرميّ عند أطرافها الشمالية الشرقية المتحاددة مع محافظة ديالى، ويقطنه ما يزيد على ربع مليون نسمة.
هذا القضاء الذي يوجد مثله عشرات الأقضية في العراق، احتلّ ثلث البيان الأخير الصادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء بخصوص نتائج الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء المنعقد أول من أمس.
ما كان لقضاء مُهمَل مثل قضاء الحسينية أن يكون له مثل هذا الاهتمام من مجلس الوزراء لولا أنّ أهالي القضاء قد رأوا، بعد طول معاناة وصبر، ألّا مناص من الركون إلى حقّهم الدستوري في الاحتجاج على انهيار نظام الخدمات العامة في قضائهم، بعدما أعيتهم الحيلة في أن يجدوا آذاناً صاغية من المسؤولين في القضاء والمحافظة المنصرفين عنهم وعن قضائهم إلى فسادهم وصراعاتهم الحزبية على السلطة والنفوذ والمال.
أهالي الحسينية قرّروا الاحتجاج علناً وجماعياً، فتظاهروا واعتصموا على الطريق العامة المارّة بمدينتهم. النتيجة كانت أن تنبّه إليهم وإلى مطالبهم المُحقّة العادلة مجلس الوزراء الذي كرّس جزءاً كبيراً من اجتماعه الأخير لبحث هذه المطالب واتخاذ القرار بتلبيتها في الحال، وأهمها هو ما يتعلق بمجاري الصرف الصحي، وتأهيل شبكة الكهرباء، ورفع مستوى الخدمات في المراكز الصحية ومنها استحداث صالات عمليات وولادة وأسرّة للطوارئ والرقود، واستكمال مدارس القضاء، وإكساء الشوارع وتنظيفها، وإكمال مشروع ماء الزهور وإعادة تأهيل شبكة الماء.
ما لم يدخل الفساد الإداري والمالي على الخط ليبتلع ما خصّصة مجلس الوزراء من مبالغ ماليّة فإن مطالب أهالي الحسينية ستتحقق في وقت قصير نسبياً مع رصد التخصيصات اللازمة لها، فبعد ساعات قليلة من انتهاء اجتماع مجلس الوزراء صرّح مصدر أمني في القضاء بأنّ الأهالي أنهوا اعتصامهم مع "المباشرة بعملية تنظيف الشوارع وتقديم جميع الخدمات للقضاء".
قصة "الحسينية" هي قصة كل قضاء وناحية ومركز محافظة في العراق .. على الدوام كانت ثمة تخصيصات كافية للمشاريع الخدمية والاقتصادية ، بيد أنّ الفاسدين الذين عيّنتهم في مناصبهم التنفيذية والتشريعية أحزابهم المتنفّذة، لم يتركوا شيئاً للصحة والتعليم والماء والكهرباء ولا للصناعة والزراعة، فكان أن عادوا بالعراق إلى بؤس ما قبل قيام الدولة الحديثة منذ نحو مئة سنة.
"الحسينية" تُقدّم لغيرها من أقضية العراق ونواحيه ومحافظاته تجربة ناجحة، يتعيّن أن يقتدي بها سكان المدن والأرياف جميعاً، بالاحتجاج العلني الجماعي على الفساد وعلى الاحزاب الحاكمة الفاسدة. .. الفاسدون لا يفقهون شيئاً في لغة المناشدات والرجاءات.
كلّ الأهالي في كلّ الاقضية والنواحي والمحافظات لا سبيل أمامهم لتأمين حياة كريمة لهم غير الاحتجاج بتنظيم التظاهرات والاعتصامات في الشوارع العامة وعند مداخل الدوائر الحكومية والمجالس البلدية. هذه هي الوسيلة الأنجع، كما تؤكد تجربة "الحسينية" وقبلها تجربة الحركة الاحتجاجية العامة المتواصلة منذ منتصف 2015 التي ضربت الطبقة السياسية الحاكمة في الصميم برغم ما تُظهره من مكابرة ومعاندة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram