TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شناشيل: أحلام عصافير العبادي

شناشيل: أحلام عصافير العبادي

نشر في: 14 مارس, 2018: 07:57 م

adnan.h@almadapaper.net

"لا خيار للفاسدين سوى الاعتراف وتسليم الأموال إلى الحكومة"... هذا ما يراه رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، لكنّه في الواقع ليس سوى أحلام عصافير.
لم يحصل في أيّ بلد أن تقدّم الفاسدون والمُفسدون مالياً وإدارياً من تلقاء أنفسهم وبأريحية، فاعترفوا بفسادهم وإفسادهم، وأعادوا ما نهبوه من مال وسواه إلى الدولة. الفاسدون والمفسدون العراقيون ليسوا استثناءً من هذه القاعدة، ولن يكونوا ... ليسوا شرفاء ولو بأدنى درجة ليذهبوا إلى الخيار الوحيد الذي يحدّده لهم العبادي المرّة بعد الأخرى، وآخرها التي كانت أول من أمس.
ما يُفترض أن يعرفه السيد العبادي أنّ الفاسدين والمُفسدين لديهم خيارات كثيرة للإفلات من الملاحقة والعقاب. وهنا في العراق بالذات وجد الفاسدون والمُفسدون مئة طريقة وطريقة في الأقل ليتحصّنوا ويبقوا بعيدين عن كل سوء يمكن أن يطولهم، بل حدث مراراً أن نجحوا في تلفيق التُّهم للشرفاء والنزيهين الذين سعوا للمساعدة في كشف فسادهم أو إثباته.
مَنْ يُفترض أن يكون لديه خيار وحيد على هذا الصعيد هو رئيس الحكومة ذاته. لكن لدينا رئيس حكومة يتحدّث كثيراً جداً جداً في شأن مكافحة الفساد، بيد أنه لا يفعل حتى القليل لترجمة ما يقول!
الفاسدون والمُفسدون يراهم السيد العبادي أشباحاً تصعب مطارتهم والإمساك بهم، إلّا أنهم في الواقع معلومون بنسبة 80 بالمئة في الأقل .. معظمهم، وبخاصة كبارهم، لديهم ملفّات ثخينة في هيئة النزاهة وفي ديوان الرقابة المالية، وكذلك في بعض دوائر المفتشين العموميين غير الفاسدة في الوزارات، لكنّ المشكلة الأكبر أنّ الكثير من هذه الملفّات، وبخاصة الكبيرة المتورّطة فيها الأحزاب المتنفّذة في الدولة وقيادات هذه الأحزاب، تعمل جهات عدّة، بينها أجهزة حكومية وبعض كبار المسؤولين في الحكومة وفي مجلس النواب، على عرقلة الكشف عنها ومتابعتها لكي تصل إلى القضاء.. ووراء ذلك اعتبارات سياسية وحزبية وشخصية.
إعلان السيد العبادي بأنه ما من خيار أمام الفاسدين غير الاعتراف وتسليم الأموال التي نهبوها إلى الحكومة، ينطوي على حسن نيّة حيال الفاسدين والمُفسدين. وهذا الإعلان إنّما يشجّعهم على مواصلة فسادهم من دون خشية أو ريبة مِن أيّ شيء.
الإجراء الصحيح هو ألّا يبقى رئيس الحكومة جالساً على كرسيّه الوثير أو واقفاً خلف منصّة المؤتمرات الصحافية الأسبوعية، يدعو ويناشد الفاسدين ويُهيب بهم أن يكونوا " خوش وِلِد" فيأتونه ليعترفوا ويردّوا إليه ما نهبوا. .. الإجراء الصحيح هو أن يكون العبادي نفسه "خوش وَلَد"، فيتقدّم نحو الفاسدين والمُفسدين من دون تردّد لزلزلة الأرض تحت أقدامهم .. بالقانون، وبالقوّة اللازمة لإنفاذ القانون.
في مكافحة الفساد لا مجال البتّة لأحلام العصافير من رئيس الحكومة أو من غيره.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram