TOP

جريدة المدى > عام > أعمال أدبية شبابية عراقية تُرشح لجوائز مهمة عالمياً .. هل هي ظاهرة؟

أعمال أدبية شبابية عراقية تُرشح لجوائز مهمة عالمياً .. هل هي ظاهرة؟

نشر في: 31 مارس, 2018: 07:01 م

 أدباء شباب : حين ينال العمل الأدبي جائزة عالمية فهذا يعني أنه تخطى جنسيته ولامس قلوب مجتمعات أخرى

 فاضل ثامر: لاتوجد محاباة في نيل الشباب للجوائز العربية والعالمية فبعض أعمالهم باتت تتفوق على أعمال الأجيال التي سبقتهم

زينب المشاط

بعد أن أخذ الأدب العراقي مساحته عربياً، حيث اجتاز صفة التألق محلياً، وراح يحصد جوائز عربية وعالمية، بمختلف المجالات الأدبية كالمسرح، والشعر والرواية وغيرها، بات الادب العراقي يُفاجئنا بشكل أكبر عن السابق، حيث ظهرت مجموعة من نصوص أدبية وروايات ومجاميع شعرية خاصة بالشباب استطاعت أن تحصد العديد من الجوائز العالمية والعربية، أو تترشح الى قوائم قصيرة خاصة بتلك الجوائز...

شهد سوق الكتب خلال السنوات الأربع الاخيرة، إصدار العديد من الكتب لمؤلفين "شباب" وتعرضت هذه المؤلفات للتهكم من قبل جيل الثمانينيات والتسعينيات أو من قبل رواد الادب العراقي، في الوقت الذي لحظنا خلاله أن تلك النصوص والمؤلفات رشحت لنيل العديد من الجوائز العربية والعالمية، لتُثار التساؤلات هُنا، هل أن أُدباءنا الرواد أو ادباء الاجيال السابقة لا يتقبلون الجيل الأدبي الجديد بأفكاره وموضوعاته التي يُناقشها؟ وهل أن الجوائز العالمية والعربية بدأت تتبع سياسة تمييل الأدب الشبابي واستقطابه عن طريق منحه الجوائز الكبيرة هذه "وإن لم يكن يستحق!" ؟
تساؤلات كثيرة تخص هذه الحالة التي يجب أن نعدّها " ظاهرة أدبية" دون أن نغض النظر عنها، أو نجعلها تمرّ مرور الكرام...
تسمية "أدب الشباب" كانت مرفوضة من قبل البعض، فبعض النقاد يجدون أن لا صحة لهذه التسمية، فقيمة النتاج الادبي تُحدد من خلال التقنات والأسلوب والثيمة وغيرها من المقومات الأدبية بغض النظر عن سن كاتبته، فحتى للتجارب الصغيرة والخبرات القليلة امكانية التوظيف بشكل ادبي مميز ان كان صانعها محترفاً، وهذا ما جاء ضمن رأي الناقد فاضل ثامر الذي قال " أنا اختلف مع تسمية أدب الشباب، الأدب الذي يستحق هو الذي ينال الجوائز بغض النظر عمّن أصدره وكم سنّه وغيرها من تلك الأقاويل."
ويقول ثامر "فيما يخص الجيل الأدبي الجديد سنجده إفادة وبشكل واضح وملموس من نصوص التي قدمها ادباء امريكا اللاتينية، وذلك من حيث ادخال عناصر التغريب والتشويق والفنتازيا في العمل الادبي او الروائي على وجه الخصوص."
يتحدث ثامر عن الاسباب التي جعلت الكُتّاب بعد 2003 يزدادون تألقاً وابداعاً في نتاجاتهم فبالاضافة الى المساحة الكبيرة من الحرية التي حصل عليها الكاتب بعد 2003، يذكر ثامر أن "الكثير من الأعمال الادبية العالمية والحداثية أثرت في كُتّابنا، حيث مكنّت الاديب العراقي من التألق، وخاصة الإفادة من كتابات ماركيز والافادة من تجارب عالمية حديثة وخاصة التجارب الفرنسية، ومن هنا بدأ يتشكل العالم الادبي الجديد استناداً لخبرة يومية تجلت فيما حدث في الواقع العراقي."
وأضاف ثامر الى ما قاله الموضوعات الادبية التي بدأ كُتابنا يتطرق لها ويعالجها أدبياً، كموضوعات الحرب والسلام، والارهاب والمشكلات الاجتماعية والعنف والتطرف والطائفية ويقول ثامر "إن توظيف المشكلات التي يواجهها الواقع العراقي من خلال الارهاب والتطرف والطائفية وغيرها من هذه العناصر ساعدت في إعادة تشكيل الوعي الثقافي العراقي، حيث بدأ الوعي الثقافي العراقي ينهل من الثقافة الحداثية وما بعد حداثية، كما انطلق هذا الوعي الى التركز على ما بعد الحداثة."
الموضوعات المهملة والمنسية لحساسيتها استعيدت اليوم من قبل الكتاب العراقيين، وما كان مجبراً على الوأد خرج ونفض عنه الغبار وبدأ يتداول في العديد من الاعمال الادبية، هذه واحدة من الأسباب التي جعلت الادب العراقي أكثر تميزاً واستحقاقية لنيل الجوائز العربية والعالمية، وإن كان كُتّابه من فئة الشباب، حيث يقول ثامر " الجيل الجديد ركز في كتاباته على ما هو هامشي ومهمل، وتركوا المركز، وهنا نجد إعادة اهتمام لعناصر مغفلة ومنسية، وهذا أمر مهم وضروري."
ذكر ثامر قائلا "نجد اليوم ان الاديب العراقي الذي تذكرون انه شاب ولا يجب ان نصفه بالشاب، لأن من الممكن ان تكون شهد الراوي هي اصغر الكاتبات والتي تم الوقوف ضد نتاجها ،الا ان البقية بدأوا تجاربهم منذ التسعينات وشاركوا في الحياة الثقافية، وإن كان هنالك اديب عراقي شاب قد سُلط الضوء عليه فأنا لا التمس ولا اعتقد ان هنالك نوع من التشجيع والمحابات لروائيين شباب لا يمتلكون العدة والموهبة، بل على العكس اجدهم يمتلكون الكثير مما يجعلهم يتفوقون على روائيين سبقوهم ، الكثير من الأعمال الجديدة اعمال باهرة على مستوى الكتابات النسوية او الذكورية."
أحمد سعداوي قدم انجازاً كبيراً من خلال فرانكشتاين في بغداد من خلال إثارة فنتازية في الرواية، اضافة للكثير من الاسماء للروائيين السابقين اضافة للشباب الذين يستحقون أكثر من هذا الاهتمام، فالرواية العراقية تستحق أكثر مما نالت اليوم ، هذا تماما ما اشار اليه الناقد فاضل ثامر الذي لا يجد أن هنالك أي عملية محابات او استدراج لروائيين شباب لتقديم مستوى معين لكن هنالك اهتمام وتجريب للاعمال الادبية، وان العنصر النسوي اليوم ينال اهتماماً كبيراً من هذا الاهتمام الادبي الذي نشهده."
روائيون وكُتاب شباب نسألهم ما إن كانت أعمالهم تستحق أن تنال الجوائز اليوم؟ وما أسباب الفجوة بينهم وبين الاجيال التي سبقتهم، لماذا لا يزال الجيل السابق ينظر الى أعمال الشباب بأنها لاتستحق، الكاتبة جمانة ممتاز تتحدث لـ "المدى" قائلة " أن كل عمل ابداعي بغض النظر عن عمر كاتبه يُمكن أن يٌقيّم وبعدها ينال شيئاً من استحقاقه من الجوائز، وفي حال نيله لجائزة عربية او عالمية فهذا يعني أن هذا العمل تخطى الجنسية التي يحملها ولامس مشاعر جناسي وثقافات ومجتمعات اخرى."
جمانة تتحدث عن اسباب عدم تقبل الاجيال السابقة لأعمال الشباب وتقول "أن هذا صراع ازلي بصراحة، صراع الاجيال، في الغالب لا يرضى الرواد عن أعمال الشباب لأن رؤاهم وتجاربهم في الحياة صارت أعمق وانضج من تجارب الشباب لكن هذا لا يعني أن من حقهم الغاء هذه الفئة وطريقة تعاطيها مع الواقع والحياة والمجتمع، بالتالي يجب أن لا ينسى الرواد او الجيل السابق، إن من سبقهم أيضاً لم يضوا عنهم في وقتٍ ما." وأكدت ممتاز قائلة " ليس كل الرواد لا يرضون عن أعمال الشباب فيجب أن نشير الى أن هناك الكثير منهم يدعم اليوم افكار الشباب ومنجزاتهم ويعمل على أن يكون استاذاً مشجعاً لتفجير هذه الطاقات بشكل ابداعي حتى يصل درجة النضج المطلوبة."
أن يُعرض العمل الادبي أمام لجان تحكيم من جنسيات مختلفة، ولهم باع ثقافي وأدبي رصين، بالتأكيد لن يكن رأي تلك اللجنة خاضع لايدولوجيا معينة لقبول العمل الشبابي هذا دون ذاك، تذكر ممتاز قائلة "لا اعتقد ان العمل عندما يعرض الى لجنة فيها أكثر من شخص مختص فأن هذه اللجنة ستمنح الجائزة كشكل صوري للعمل،لأن كل شخص في هذه اللجنة لديه وجهة نظر، لذا فان التنافس شديد من اجل تقديم عمل استثنائي عندما يعرض على اللجنة يستطيع أن يحصل على قبولهم وتقييمهم الايجابي."
الكاتبة الشابة تمارة شاكر تُشاطر ممتاز في رأيها، فيبدو أن جيل الشباب واثق مما يقدم وتذكر شاكر قائلة " أن نيل العمل الابداعي لجائزة مهمة ولها اسس وتاريخ دليل على استحقاق العمل بغض النظر عن ما إن كان كاتبه شاباً او غير ذلك."
وقد يكون عدم تقبل البعض للتغيير هو واحد من الاسباب التي أدت لخلق فجوة بين الجيلين، فتذكر شاكر" أعتقد أن الاجيال السابقة باتت لاتتقب لالتغيرات التي يقدمها الشباب والتي لم تأت من فراغ بالطبع فمن سبقنا قدم تغييرات كثيرة لم يرضى عنهم من سبقوهم، خروج الجيل الجديد أدبياً عن المألوف في كل ما طرحه كان واحد من أسباب عدم تقبل الأجيال السابقة لهم."
بالنهاية منح الجائزة لأي عمل أدبي يخضع لتقييم لجان مكوّنة من اعضاء لهم معرفة في المجال الادبي الذي تمنح الجائزة على اساسه، وفي حال كانت هذه الجائزة ذات تأريخ كبير فإنها لن تُعطى إلا لمستحقيها الفعليين بغض النظر عن السن والتجربة، سيكون التقييم فقط على ما تحتويه صفحات الكتاب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

النوبة الفنيّة أو متلازمة ستاندال

علاقة الوعي بالمعنى والغاية في حياتنا

تخاطر من ماء وقصَب

يحيى البطاط: الشعر والرسم طريقان لمعرفة العالم، أو لتسكين الذات

موسيقى الاحد: كونشرتو البيانو الثالث لبيتهوفن

مقالات ذات صلة

"جـِيُــــو بُــونْـتــِي"" src="https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2025/03/5862-7.jpg">
عام

"مُخْتَارَات": <اَلْعِمَارَةُ عِنْدَ "اَلْآخَرِ": تَصْمِيمًا وَتَعْبِيرًا >"جـِيُــــو بُــونْـتــِي"

د. خالد السلطاني معمار وأكاديمي * الى حسين حربة تعيد سيرة "جِيُو بُونْتِي" (1891 – 1979) Gio Ponti المعمار الايطالي المعروف مصائر سير نخبة المبدعين الايطاليين، خصوصاً فيما يتعلق بتنويعات الابتكار وتشعب اهتماماتهم وبراعتهم...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram