طالب عبد العزيز
لا أعرف ما الذي يجعل الناس تعساء، مع يقيني باستطاعتهم أن يكونوا أفضل، وهنا نسأل: هل السعادة ممكنة؟ الجواب: نعم، بكل تأكيد. أنا، أجزم بأنني سعيد مثلاً، ولا أريد أن أخوض مخاضة الفلاسفة في تعريف السعادة، وما إذا كانت كاملة أو نسبية أو غير ذلك، فهذا مما يعقّد موضوعنا ويجعلنا نخرج من الورقة هذه . أنا سعيد الى حدٍّ ما، نعم، هناك جملة منغصات مثل اعتلال الصحة وقلة المال واخفاق أحد الأبناء في الامتحان ونداء بائع قناني الغاز الكريه وعطل مكيف الهواء وو، لكنني سعيد بما لدي وما حولي وما قدمت وما آمل تقديمه.
وهنا، نريد أن ننظر للموضوع من جانبه الآخر، ترى كيف تصنف المراكز البحثية شعبا ما بانه الأكثر سعادة ؟ ولماذا يقولون عن بغداد بأنها المدينة الأسوأ للعيش في العالم؟ ما الذي يجعلنا هكذا، ألا يبدو الأمر غير ذلك؟ من وجهة نظر شخصية أجد أننا قادرون على تغيير حياتنا نحو الأفضل، نحن بحسب توصيف بعض المراكز الشعب الأكرم في العالم، ألا يبدو الأمر جالبا للسعادة، وهو أمر واقع بالفعل، العراقيون كرماء، إذ، بإمكان أي شخص دخول أي بيت عراقي ويسأل حاجته من الأكل والملبس والمال وسيجد أهل البيت من أكرم الناس. وما يفعله العراقيون للملايين في زيارة الأربعين خير دليل على ذلك. أقول: لم، لا نستثمر الصفة هذه ونكون سعداء؟
لنهمل حكامنا، فهم الأسوأ في العالم باعترافنا نحن. ونتنبه الى أنفسنا من الداخل، وسأذهب حالماً أبعد من ذلك، ماذا لو ترك كل عراقي بندقيته، ونسي أحقاده وتبرأ من تاريخه وماضيه في الدين والمذهب والطائفة والعرق، وغادر السيئ من عاداته القبلية والاجتماعية وفتح صفحة جديدة لحياته، ليس فيها من العداوة والبغضاء والثأر والتطفل والانانية شيئاً، ألا يجد العراقيون ذلك جميلاً، أن يتخلى المرء عن سلوكه الشائن لهو أمر حسن، أن يحب الناس، كل الناس، ينظف واجهة منزله، ويغرس شجرة في الفسحة من الرصيف أمامه، وينحني ملتقطاً ما يلقيه الأطفال من قناني الماء وأغلفة الكاكاو وما يتطاير من أكياس وأوراق وما الى ذلك من أفعال الصبر والمطاولة، ما الذي سينقصه، لماذا لا نراجع مفاهيم مثل الكرامة والبطولة والشجاعة؟ ألا ترون أننا أخفقنا دهوراً في تعريف مصطلحات مثل هذه؟
لنتصور أن أبناء الحي الواحد تطوعوا جميعا وليوم واحد فقط لتنظيف أزقتهم، ومثل ذلك يفعل أبناء القرية الواحدة، وأبناء الضاحية الواحدة وأبناء المدينة الواحدة، أيبقى في المدينة شارع وسخ؟ ألا يبدو أمر مثل هذا جالبا للسعادة؟ مثل الروح هذه بحاجة الى شجاعة نادرة، أنا شخصياً أمسك بمكنسة البيت صباح كل يوم واكنس أمام بيتنا، أجمع ما تطاير من نفايات وأرزمها في كيسها الأسود وأرميها في حاوية البلدية، ثم أمسك خرطوم الماء وأرش ما استطعت من الفسحة تلك، نعم، يغضبني صاحب الدكان، فهو مصدر لكثير من النفايات التي تتجمع أمام بيتنا، لكنني، أطلب منه باستمرار أن يكون حريصاً على جمعها في الحاوية، هو غالباً ما يستجيب لندائي، وهو رجل طيب. أخيراً، أقول: لندع الحكومة جانبا فهي سيئة جداً، ولنعمل معا من أجلنا، نحن، من أجل مستقبلنا وأطفالنا.