إياد الصالحي
فرض واقع الرياضة المضطرب منذ عام 2003 حتى يومنا هذا استنفار روّادها وأبطالها كل مرة للتعبير عن سخطهم لما تواجهه من أزمات تزعزع قواعدها البشرية وتضعف قدراتها على اجتياز المحنة، فما أن تخرج من شَرَك تكالب انتخابي حتى تدخل في نفق لا قانوني يعتّم عن مصيرها وقتاً طويلاً.
استنفار أهل الرياضة ربما يكون بهيئة ندوة طارئة أو تشكيل تجمّع بشعار معلوم أو تظاهرة تنتصر لحقوقهم، وذلك أمر تجيز له اعراف الديمقراطية واصول التفاعل المجتمعي لقطاع ما مع مصلحته، لكننا لم نزل نتعامل مع الاستنفار مثل قرص فوّار في ماء فاتر، فلا ديمومة مدعمة بخطة تواكب الأزمة وتحجّمها بقدر نسبي، ولا قناعة للمستنّفرين بأن طروحاتهم قادرة على التأثير في الطرف المسبّب لها.
وإذا ما استعرضنا عدد تجمعات اللجان والمنتديات والمؤتمرات التي نادت بالإصلاح وتغيير انظمة الرياضة للخلاص من مشكلات مزمنة بفعل اجتهادات أفراد ومؤسسات تكيّف القوانين وصلاحيات المناصب لمصلحتها، سنجد أن أقوى تشكيل بنوعية عقول مؤسسيه الخبيرة وتأريخهم العريق لم يصمد إلا شهراً واحداً من بعد انبثاقه ثم يتوارى اعضاؤه عن الأنظار ندماً لما أهدروه من جهد على مشروع إصلاحي لم يهزّ شعرة واحدة في رؤوس مسؤولي التصدّع الرياضي.
صراحة نبارك وجود أي تجمّع جديد بنيّة صادقة لأجل إحداث التغيير الحقيقي عبر أجندة مدروسة قابلة للتنفيذ وليست نصوصاً مستلّة من بيانات إصلاح تكيّف فحواها لكل زمان ومكان، أو خواطر حبيسة نفوس ثائرة هي بالأساس عاجزة عن بناء جسر من الثقة مع الآخرين.
نتوسّم التفاؤل في أي تجمّع لبُناة الرياضة شريطة ألا يكون كالتجمّعات السابقة التي كانت غطاءً لمشاريع دعائية لاشخاص لم يبالوا بالمنهج قدر حرصهم على البروز للساحة وتعويض خسارة مقعد في نادٍ أو اتحاد أو مكتب تنفيذي، لهذا يجب الاهتمام بكتابة اهداف التجمّع ومقاربتها مع الظروف الراهنة التي أودت بمصير الرياضة للتحسّر على ماضيها الثر بالمنجزات وأبطالها الأوفياء.
التساؤل المرير الذي يبرز الى سطح انبثاق أي تجمّع: ما الغاية الملحّة التي دعت أعضاء المجموعة للمناداة بإصلاح شأن رياضتنا وفات على أسلافهم تناولها أو فك طلاسمها؟ يجب تحديد ذلك بصيغة مقنعة بعيداً عن تسطيح المشكلات وحصرها بأسباب آنية أو مؤثرات زائلة، وثانياً هل سيكون صوت المجموعة ضاغطاً على صاحب القرار سواء سلطة الحكومة أم سلطات الكيانات الرياضية (الهيئات العامة) المالك الحصري لأصوات تجديد الثقة بهذه الإدارة أو سحبها من تلك؟
وثالثاً العامل الزمني مهم جداً لحصد نتائج العمل، إذ لا يمكن لمشروع إصلاحي أن يستمر في الدوران حول نقطة البداية بلا تقييم لمرحلة زمنية يقف عندها لمراجعة حساباته، وذلك يعتمد على تفعيل توصيات الندوات بالاحتكاك المباشر مع الجهات المعنية بنقدٍ موضوعي لا انفعالي بغية تلاقح الافكار والتعاطي بالحلول للمسارعة بالتنفيذ، عدا ذلك لا قيمة للندوات والجهد المبذول فيها كما عقدت العشرات غيرها ودفعت منظميها للتأسّف على إهمال الجهات ذات العلاقة خلاصاتها.
يبقى الإعلام محافظاً على حياده وإن دُعي بعض ممثليه للتفاعل مع طروحات التجمّع كونه ليس طرفاً في مناصرة هذه المجموعة أو تلك، بل يسعى بكل وسائله لدعم أي توجّه وطني ينبذ التكتل أو التحريض أو تبنّي حملة تهيئة رأي عام سلبي ضد مؤسسة أو أفراد، وسيكرّس الإعلام واجبه لتسليط الضوء على مكامن الخلل بأمانة مع تقصّيه المعلومة من طرفي القضية بعدالة وصولاً الى توافقات واضحة لن تكون بكل تأكيد على حساب مصلحة الرياضة ووحدة أسرتها وأهدافها النزيهة.