بغداد/ محمد صباح
باتت مفوضية الانتخابات عاجزة عن منع الأحزاب والقوائم والكيانات السياسية من الحصول على دعم مالي خارجي أو داخلي لتمويل الحملات الانتخابية، وهي لا تعرف كمية الأموال التي رصدتها هذه الاحزاب والكتل لتمويل حملاتها الانتخابية.
وترفض القوى السياسية المهيمنة على المشهد السياسي العراقي طوال الخمس عشرة سنة الماضية الانصياع إلى مطالب المفوضية بالكشف عن مصادر تمويلها، بالرغم من أن هذا أمر ملزم بموجب قانون الاحزاب.
ويقول رئيس مجلس مفوضية الانتخابات السابق سربست مصطفى في مقابلة مع (المدى) أمس، إن "نظام الإنفاق الانتخابي الذي أصدرته مفوضية الانتخابات عام 2014 يأتي لضبط عملية تمويل الحملات الدعائية للقوائم والكيانات الانتخابية"، مؤكداً أنّ "كل نظام يصدر يستند في تطبيقه على قانون".
ويمنع قانون الأحزاب رقم 36 الذي صوت عليه مجلس النواب في عام 2015 في مادته (41) الحزب من قبول أموال عينية أو نقدية من أي حزب أو جمعية أو منظمة أو شخص أو أي جهة أجنبية إلا بموافقة دائرة الاحزاب أو التنظيمات السياسية.
ويعترف مصطفى أن "هذا النظام لم ينفذ بشكله الصحيح في الانتخابات البرلمانية السابقة" بسبب عدم إقرار التشريع حينها، ويبيّن أن "هناك فقرات في هذا القانون تمنح مفوضية الانتخابات الحق في إصدار تعليمات تنظم عملية الإنفاق".
وتلزم المادة 28/ثالثاً، الحزب بأن يحدد موارده واسم المصرف الذي تودع فيه هذه الأموال والإجراءات المنظمة للصرف، وقواعد وإجراءات حسابات الحزب أو التنظيم السياسي وكيفية مراجعتها وإقرارها وإعداد ميزانيته السنوية واعتمادها وأوجه إنفاقها.
ويصف المسؤول السابق في مفوضية الانتخابات، عملية كشف مصادر التمويل المالي للأحزاب والقوائم والكيانات الانتخابية بـ"الشائكة والصعبة".
ويتابع مصطفى أن "قانون الأحزاب يشترط فتح حساب مالي في أحد المصارف العراقية (حكومية أو أهلية) المعتمدة من قبل وزارة المالية من أجل التعرف على أموال الحزب ومصادر الحصول عليها، كما يتم تعيين محاسب يدقق كل العمليات الصرفية والحسابية من دائرة الأحزاب التابعة لمفوضية الانتخابات".
ويشير المسؤول السابق إلى أن "معرفة مصادر تمويل الأحزاب وضبط إنفاقها على حملاتها الانتخابية أمر تصعب السيطرة عليه، كون قانون الأحزاب من القوانين الجديدة التي تتطلب وقتا طويلا لتنفيذ جميع فقراته"، مؤكدا أن "أنظمة الحملة الدعائية في قانون الاحزاب تعتمد على معادلة حسابية معينة لتمويل الأحزاب من قبل الحكومة".
ويبيّن مصطفى أن "القانون يفرض على الحكومة تخصيص أموال للأحزاب في كل موازنة اتحادية اعتماداً على المعادلة الحسابية ــ عدد الناخبين في العراق مضروباً بدولار ونصف الدولار ــ وكل حزب يشارك في العملية الانتخابية تكون هناك مبالغ مخصصة له تصل إلى 58 مليون دينار توزع على الأحزاب بحسب مقاعدها في البرلمان"، مؤكداً أن "الحكومة لاتحادية لم تخصص في موازنة العام الحالي سوى (4) ملايين دينار لتمويل الأحزاب".
ويؤكد رئيس مجلس مفوضية الانتخابات السابق سربست مصطفى، "وجود صعوبات كبيرة تواجه عمل مفوضية الانتخابات في معرفة مصادر الأموال التي تحصل عليها الأحزاب والقوائم والكيانات من الخارج أو الداخل لتمويل حملاتها الانتخابية".
ويلفت مصطفى الى أن "الحكومة الحالية لم تأخذ بالتعليمات التي أصدرتها مفوضية الانتخابات في عام 2014 لتنظيم إدارة مصادر وأموال الأحزاب لتمويل حملاتها الانتخابية". ويقول إن نظام الإنفاق الانتخابي المعمول به في الفترة الحالية يجب ان "يكون مساوياً للمبالغ المخصصة في قانون الأحزاب".
وكانت الأنظمة التي أصدرتها مفوضية الانتخابات قد حددت مؤخراً السقف الأعلى للإنفاق بمعدل أقصاه (250) ديناراً مضروبة في عدد الناخبين المسجلين للدائرة الانتخابية الواحدة بحيث تكون نسب الإنفاق الأعلى للمرشح في محافظة بغداد مليون دولار.
ويضيف مصطفى أن "عدم الالتزام ببنود قانون الأحزاب مع ارتفاع نسب الإنفاق الانتخابي المقرة على وفق الأنظمة واللوائح الانتخابية سيساعد الكتل المتنفذة على التلاعب بالمال العام وتوظيفه في حملاتها الانتخابية للحصول على أكبر عدد من المقاعد".
ويلفت المسؤول في مفوضية الانتخابات السابق إلى "عدم وجود الآليات المناسبة لمجلس المفوضية لرصد ومعرفة الأموال التي تتلقاها الأحزاب والقوائم الانتخابية من الخارج"، مطالباً "وزارة المالية بالتعاون مع مفوضية الانتخابات في الكشف عن مصادر أموال الأحزاب والقوائم من خلال رصد حسابات الأحزاب والكيانات والقوائم من قبل دائرة الأحزاب في مفوضية الانتخابات".
ويؤكد أن "كل الأحزاب والقوائم والائتلافات على طوال الخمسة عشر عاماً المالية ترفض الكشف عن حساباتها المالية ومصادر تمويلها"، مشدداً على أن "الأحزاب المتنفذة أو حزب السلطة لا تتمكن أي جهة من كشف حساباته".
ويلفت المسؤول السابق إلى أن "مفوضية الانتخابات السابقة لم تمتلك التقارير الكافية عن حجم الأموال التي صرفتها الأحزاب والقوائم على حملاتها الانتخابية في آخر عملية انتخابية لمجلس النواب".
ولم يردّ أعضاء مجلس مفوضية الانتخابات على اتصالات (المدى) لاستيضاح آلية ضبط تمويل الأحزاب والكيانات والقوائم الانتخابية.
وألزم نظام الحملات الانتخابية رقم (11) لسنة 2018 الذي صادقت عليه المفوضية في المادة (4) كل الكيانات والقوائم الانتخابية بضرورة الالتزام بضوابط الإنفاق في حملاتهم الواردة في نظام الإنفاق رقم (1) لسنة 2013.