TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > منطقة محررة: عن الكتاب الورقي وجمهوره

منطقة محررة: عن الكتاب الورقي وجمهوره

نشر في: 24 إبريل, 2018: 06:16 م

 نجم والي

بعيداً عن الجانب الشخصي والذي عشته في شارع المتنبي في الجمعتين اللتين تواجدت بهما هناك وزيارتي اللاحقة لمعرض بغداد، وفي الحالتين ما عشته خلال توقيعي لروايتي الجديدة "إثم سارة"، أثبت لي في الحالتين هذه التجربة الفريدة والجميلة، أن الكتاب الورقي ما زال بخير، وأن القراء في تزايد، على عكس ما يدعيه البعض من الناشرين في حديثهم عن أزمة الكتاب وعدم وجود قراء، تلك الأسطوانة المشخوطة التي أسمعها منذ أن بدأت بأول نشر كتاب لي!
وهي مصادفة جميلة أن تتزامن رحلتي إلى العراق هذه المرة مع أيام معرض الكتاب في بغداد، ولا يهم أنني عشت اليومين الأولين من المعرض، إلا أن ما رأيته جاء تكلمة لما عشته في جولاتي الأدبية، لقد بدا المعرض زاهياً بحضور أغلب الكتّاب العراقيين، بعضهم تحمل عناء السفر من بقية مدن العراق، أو جاء محملاً بالمحبة من بقاع العالم البعيدة من أجل لقاء قرائه وأيضاً للقاء زملاء له قد يكون سمع بأسمائهم أو قرأ لهم وحسب، أظن كل ذلك له علاقة بالحميمية التي تربط محبي الكتاب ببعض. خاصة لقاء القراء المجهولين، لأن أحدنا يجلس بين حيطان مكتبه الأربعة، يجلس إلى طاولة الكتابة، وحيداً (وهل هناك أكثر وحدة من الكتابة؟) ولا يعرف من أولئك القراء المجهولين الذين سيقرؤون كتبه، وكم ستكون فرحته عظيمة عندما يلتقي بهم وجهاً لوجه، والفرحة تزداد لو وقفوا بالطوابير ينتظرون توقيعاً منه على كتابه، والأكثر إذا كانوا في سن الشباب، بل والأكثر إذا كان أغلبهم من النساء، حينها سيتنفس، وسيقول ما يزال العالم بخير إذن.
ما عشته خلال اليومين الأولين من المعرض، هو فرصة للحديث عن الإقبال الرائع على الكتاب، على قيمته في بلاد عاصمتها كانت السبّاقة بالقراءة دائماً، من يتذكر ذلك المثل: القاهرة تكتب، بيروت تطبع وبغداد تقرأ (وكان عليهم أن يضيفوا: والرياض تمنع!)، اليوم تبدلت أمور كثيرة، الكل راح يكتب، لكن فيما خص النشر ظلت بيروت تطبع، وما خص القراءة ظلت بغداد تقراً، رغم ذلك أنا متفاجئ جداً من حجم اهتمام الناس هذه السنة باقتناء الكتب والثقافة والميل للحياة المدنية، معرض بغداد قدم دليلاً على أن العراقيين كرِهوا الطائفية وفساد السياسيين وتخريبهم للبلاد وأنهم يميلون للمدنية والانفتاح على العالم ..
الأمر الوحيد المحزن هو أن الدولة العراقية غائبة في هذا المجال، بدل تشجيعها هذا التطور عن طريق دعم الكتاب، كأن تشتري مؤسساتها وجامعاتها كتباً من المعرض، كما هي الحال في معارض دول أخرى، حيث تخصص حصة مقدماً، تصل إلى 1000 كتاباً تشتريها من الناشرين، رأيناها للأسف أهملت هذا الجانب، لكي لا أتحدث عن سوء التنظيم في المعرض، ليس هناك بروشور عن برامج المعرض، أو معلومات عن الكتّاب المشاركين، أما الندوات فتُقرر حسب المزاج وتغير في اللحظة الأخيرة، كأن يُستبدل مدير الجلسة بسبب غياب مدير جلسة سابق، ولا يهم أن مدير الجلسة الجديد ليس على دراية لا بموضوع الجلسة ولا بالأدباء المشاركين، بل يطلب منهم أن يصيغوا الأسئلة التي يودون أن يطرحها عليه، أمر لم أعشه أبداً في حياتي قبل الآن.
رغم ذلك، أنها فرصة للتأكيد هنا من جديد: أن زيارتي هذه التي استمرت من 21 آذار، من يوم الشعر العالمي، حيث قدمنا ندوة شعرية مع الشاعر الألماني آسموس تراوتش في المتحف العراقي في العلاوي، لغاية يوم 31 آذار، أثبتت لي أن الكتاب الورقي ما زال يعيش مجده، شكراً لجمهور القراء، وشكراً لبعض الناشرين الجادين والمحترفين، وإن كان عددهم لا يتعدى عدد أصابع اليد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram