زينب المشاط
في الوقت الذي تواجه وزارة الثقافة الكثير من الاتهامات بأنها المتسبب الثاني بعد الحكومة العراقية في تراجع الثقافة في العراق، حيث باتت تسعى كثيراً وفق ما تذكره من خلال مهرجاناتها ومؤتمراتها التي تقيمها بشكل مستمر الى تطوير الثقافة في العراق، مؤكدةً أنها وبدورها لا حيلة لها فهي وزارة غير مدعومة من قبل الحكومة العراقية....
ولأن دائرة الفنون التشكيلية تشكل جزءاً مهماً من هذه الوزارة وأيضاً نشهدها تقيم وخلال العام الواحد العديد من المعارض كما تستقطب فنانين ومن دول مختلفة لإقامة معارضهم في الدائرة نتساءل هل هذه المعارض تتوافق والضوابط والشروط الفنية بالكامل؟ أم إنها معارض كميّة لا نوعية، وهل الشخصيات الفنية المشاركة في هذه المعارض هم من الشخصيات المعروفة؟؟ هل ارتقت أعمال هذه المعارض "التي تعدّ معارض حكومية" الى مستوى الذي قد نشهده في جمعية الفنانين التشكيليين " وقد نتخذ الأخيرة وجه المقارنة الآخر كونها من أهم المؤسسات التشكيلية في العراق"....
والسؤال الأهم هل تخضع الأعمال التي تعرض في دائرة الفنون العامة "وهو الأسم المستحدث لدائرة الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة" الى فحص من قبل لجان مختصة، أم أن قبولها خاضع للمجاملات والمحسوبيات، ولماذا لا نشهد مشاركات لفنانين كبار ومعروفين في مجال الفن التشكيلي ضمن المعارض الكثيرة التي تقيمها الوزارة؟
تحدثت المدى بداية الى التشكيلي ورئيس جمعية الفنانين التشكيليين قاسم سبتي الذي أشار خلال كلمته أنه كان يحضر في السابق الى معارض الوزارة، ولكنه قرر أن يعزف عن الحضور وأشار سبتي الى أسباب غيابه عن تلك المعارض قائلاً " المعارض التي تقيمها الوزارة معارض غير جيدة ولا يرتضيها مستوى الفن التشكيلي أبداً لهذا بعد فترة من حضوري قررت المقاطعة."
ويبدو أن قاسم سبتي لا يُصدق أن هذه المعارض تخضع للجان تقييم فيقول " لا وجود للجان تستعين بها الوزارة لتقييم الأعمال المعروضة لأن هذه الوزارة في الواقع ما هي الا مقبرة تعرض أعمال كل من هبّ ودب بحسب المجاملات والمحسوبيات للأسف."
سبتي يجد أن الأعمال والمعارض لا تليق بأهمية الفن التشكيلي ومستواه، ولم يكتفِ هو بالمقاطعة فذكر "أنا غالباً ما أنصح الأعضاء "أي أعضاء جمعية الفنانين التشكيليين" بأن لا يعرضوا أعمالهم في الوزارة لأن هذا سيقلل من مستوى العمل، فكيف نثق في مؤسسة القائمون عليها هم شخصيات غير مختصة؟."
وهنا يحاول سبتي أن يشير الى أن بعض المشاركات في معارض الوزارة مدفوعة الثمن فيقول "إن أي شخص يدفع للوزارة مبلغاً بسيطاً نجدها تقيم له معرضاً، في الوقت الذي جاءتنا مؤسسات لتقديم الكثير من الأموال مقابل أن نعرض لها أعمالاً إلا اننا رفضنا وهذه مسألة مبدأ لا أكثر."
معارض جميعية الفنانين التشكيليين تتضمن ستة معارض سنوياً وهي معرض الجمعية السنوي، معرض النحت، معرض الخزف، معرض الشباب، معرض الفنانات، معرض طبيعة عراقية، ويذكر سبتي مشيراً الى وظيفة المؤسسات التشكيلية ويقول "نحن نبرز طاقات وامكانيات كل الفنانين وعملنا عدة معارض لفناني محافظة بابل والبصرة ولدينا الحق بعدم قبول العمل الضعيف في الوزارة، فلا يجوز العرض لكل من هب ودب بدون وضع شروط تليق بهذا الفن." مؤكداً " لقد أعلنت القطيعة معهم لأنها مؤسسة غير جديرة وهذه المؤسسة ارتكبت حماقات لمقاطعة الفن التشكيلي."
القائمون على أعمال دائرة الفنون التشكيلية أو العامة يجدون عكس ما قاله السبتي فمدير عام الدائرة شفيق المهدي وهو أيضا فنان تشكيلي يعي الذائقة في هذا المجال يقول " أن المديرية مسؤولة عن إقامة المعارض الخاصة كمعرض يوم المرأة ومعرض الفن المعاصر، وهي بدورها تُطرح الأعمال على لجان لتقيم الأعمال التي من شأنها أن تعرض في المعارض التشكيلية التابعة للوزارة، واللجنة كفيلة بقبول هذه الاعمال ورفضها، إضافة الى أن هنالك معارض خاصة لفنانين يقدمون طلباً لاقامة معرض شخصي وليس عام، والفنان يتحمل مسؤوليته ونحن نقدم النوع ."
أما عن أسلوب عرض الوزارة والذي قد يشير اليه سبتي بالكثير من الاتهامات يبرره شفيق المهدي انه محاولة لمنح الشباب والهواة الموهوبين وغير المحترفين فرصة جيدة من خلال إشراكهم مع فنانين محترفين ومعروفين في معارض الوزارة ويذكر المهدي " إن لجان وزارة الثقافة تسمح بأن نعرض أعمالاً للفنانين الشباب الهواة، وذلك رغبة لدعمهم وتطويرهم ليكونوا فنانين محترفين، ولهذا في معارض تضم الكثير من المحترفين نجدنا نعرض بعض الأعمال البسيطة للهواة."
أما المجاملات والمحسوبيات في العروض فيشير المهدي " قد نُجامل نعم ولكن وفق ضوابط معينة دون أن نخرج عن توجه المعرض أي إذا كان المعرض خاصاً بالفن المعاصر لا نسمح بمشاركة أعمال انطباعية والأمر يُطبق على باقي الموضوعات والمعارض، فهنالك مستوى من المجاملات ولكنها قليلة وهذه تعرضنا لاحراج شديد أحيانا لأن هنالك أعمالاً جيدة ترفضها اللجنة، إلا اننا نحاول عرضها في ركن خاص من المعرض على إنها الأعمال المرفوضة ليطلع اليها المتلقي." أما عن المشاركات الاجنبية فيشير مهدي "إلا أن هذه المشاركات خاصة بفنانين ترشحهم بلدانهم لإقامة معارض في بلادنا وهؤلاء بالتأكيد غير خاضعين لشروط أو تقييم."
اللجان التي تقيم الاعمال في وزارة الثقافة يُقال انها لجان تتألف من شخصيات معروفة في مجال الفن التشكيلي ، وهذا ما أكده ماهر الطائي مدير المعارض في الوزارة وقال " نحن لانتدخل في مهام اللجنة والتي نشكلها من أسماء مهمة ومعروفة من الفنانين سواء من خارج الوزارة أو داخلها، ولهذا نوكِل لهم العمل وهم مسؤولون عن تقييمه، وفي الحال الذي نضطر به لمجاملة عمل احدهم وعرضه فالمجاملة لاتكون بحتة ومسرفة، لأننا نُجامل العمل الذي تنطبق عليه الكثير من القيم الفنية ويفتقر الى أشياء بسيطة يمكن تجاوزها."
الطائي يؤكد "أننا كوننا مؤسسة حكومية يتوجب علينا احتضان جميع المواهب الشابة القابلة للتطوير في المستقبل وهذا لا يحسب ضدنا على العكس تماماً، فهذا يعني إن وزارة الثقافة ملجأ للمثقفين والمبدعين، نفتح الطريق أمامهم ضمن المعقول وبما يتناسب والقيم المعروفة عالمياً ومحلياً."
ضمن الخطة السنوية لمعارض دائرة الفنون العامة تضع الدائرة لجانها بحسب نوعية المعارض وعلى سبيل المثال انها تركز في اختيار اللجان المقيمة لأعمال معرض الفن المعاصر، لأنه يمثل الفن الأهم في مجال التشكيل، وهذا يختلف بالنسبة لمعارض المرأة والتي بالتأكيد لاتخلو من التجميلات ومعارض أخرى تخص الطبيعة حيث يشير الطائي "بأن من يجيدون الرسم الانطباعي يتقدموا ويتاح للهواة فرصة للمشاركة في مهرجاناتهم وبالنهاية تكون المشاركات حسب نوع الفن المطلوب أو المعرض المطلوب كالتعبيرية والواقعية وغيرها ويجب فسح المجال للهواة والمحترفين الموهوبين ."
ولو سلطنا الضوء على الفرق بين معارض دائرة الفنون التشكيلية التابعة لوزارة الثقافة وبين المعارض الخاصة التشكيلية الأخرى أعتقد أننا سنجد فروقات كثيرة إلا أن الطائي يؤكد "أن جميع الفنانين التشكيليين الذين يشاركون في المعارض الخاصة هم ذاتهم يشاركون في معارض الوزارة، إلا أن الوزارة تستقطب فنانين أكبر كما قلنا لأن من واجبها احتضان ابنائها من الهواة والموهوبين."