ثائر صالح
توفي الموسيقار الفرنسي المعروف أوليفيير ميسايين (1908 – 1992)، وكان عازف أورغن كنيسة الثالوث المقدس بباريس حتى مماته. فخلفه في هذا المنصب عازف أورغن شاب اسمه ... ناجي حكيم. اسم ناجي حكيم اسم معروف في عالم الموسيقى، فهو عازف أورغن ومؤلف موسيقي فرنسي من أصل لبناني، ولد في بيروت سنة 1955، وانتقل ليكمل دراسة الهندسة في باريس سنة 1975 بعد نشوب الحرب الأهلية اللبنانية. يعد حكيم بين أهم العازفين الفرنسيين الذين يواصلون التقاليد الفرنسية الرومانتيكية في العزف والارتجال على الأورغن. وقد انجبت فرنسا في القرنين التاسع عشر والعشرين مؤلفين كبار كتبوا للأورغن مثل سيزار فرانك وكامي سينت-سانس وأوليفيير ميسايين.
درس حكيم البيانو في طفولته، وبدأ يهتم بالأورغن عندما بلغ العاشرة. استمر بدراسة الأورغن في باريس عند العازف الشهير جان لانغليه (1907 - 1991) الذي شجعه كثيراً، ودخل المعهد العالي الوطني للموسيقى (كونسرفاتوار باريس) ليدرس الأورغن والتأليف الموسيقي. حصد العديد من الجوائز أثناء دراسته وبعدها في مسابقات عالمية مهمة.
عمل كعازف للأورغن في الكاتدرائية الباريسية الشهيرة القلب الأقدس (ساكري كور) في حي مونمارتر بين 1985 – 1993 قبل أن يخلف أوليفيير ميسايين على مقعد الأورغن في كنيسة الثالوث المقدس بين 1993 – 2008، وهي كنيسة هامة تقع في الدائرة التاسعة.
ألف ناجي حكيم في مختلف الأشكال الموسيقية، ولمختلف الأدوات، من أعمال الأورغن المنفرد مروراً بموسيقى الحجرة حتى الأعمال الأوركسترالية، بينها خمس كونشرتات للأورغن والأوركسترا، وبين مؤلفاته كونشرتو للبيانو والأوركسترا (2014، قدم العرض الفرنسي الأول في باريس في آذار الماضي). يستعمل حكيم في أعماله المادة الفولكلورية اللبنانية، ولديه عدد من الأعمال "اللبنانية" والشرقية، منها الافتتاحية اللبنانية (2002) ومقطوعة سندباد (2017).
لديه كذلك الكثير من الأعمال الكنسية، بعضها يستلهم الغناء الغريغوري الذي ميز الطقس الكنسي في العصور الوسطى (ينسب بعضه الى البابا غريغوري الكبير في القرن السادس الميلادي، لكنه على الأغلب تبلور في أوقات لاحقة منذ زمن شارلمان في القرن السابع الميلادي). من أعماله الدينية أوراتوريو شاؤول الطرسوسي (وهو بولس الرسول مؤسس الكنيسة المسيحية)، وقداس لكورس وأورغنين. وقد كافأه البابا بندكت السادس عشر بمنحه وسام الشرف سنة 2007، لقاء نشاطه في خدمة الكنيسة الكاثوليكية وتأليف الأعمال الكنسية.
لديه العديد من التسجيلات عند أشهر دور النشر لأعماله التي تعزف في مختلف القارات، من أمريكا الشمالية حتى استراليا. ويحمل عدد من التسجيلات عنواناً فرعياً هو "حكيم يعزف حكيم" أي أنه يعزف أعماله بنفسه.
درّس حكيم مادة التحليل الموسيقي في كونسرفاتوار بولون-بيلانكورنت (باريس الكبرى)، وكان مؤلفاً مقيماً في كلية ترينيتي للموسيقى في لندن لسنة 2001 حيث حصل على اجازة تدريس الأورغن منها قبل ذلك الوقت. وهو استاذ زائر للأكاديمية الملكية البريطانية للموسيقى (لندن) ويحمل شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة الكسليك (لبنان).