adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
إذا كان صحيحاً ما أفاد به"مصدر في مجلس الوزراء"أول من أمس، فإن رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي يكون قد ارتكب خطأً كبيراً في حقّ العراقيين كلّهم، ذلك أنّ القضية موضوع الخطأ هي ممّا يشكّل الآن الهمّ الأول والأكبر للعراقيين بعدما انزاح عن كواهلهم همّ الاحتلال الداعشي.
المصدر في مجلس الوزراء نُسِب إليه القول بأنّ السيد العبادي"عطّل"تفعيل 1700 ملف فساد إداري ومالي يمسّ بعضها شخصيات وزارية ونيابية الى ما بعد انتخابات السبت المقبل. وبحسب المعلومات فإن هذه الملفات تسلّمها رئيس الوزراء من الفريق الدولي المكلّف مراجعة وتدقيق قضايا الفساد الإداري والمالي في مؤسسات الدولة المختلفة، وقرّر عدم إحالتها الى القضاء في الوقت الراهن وتأجيل تفعيلها إلى ما بعد ظهور نتائج الانتخابات، برغم أنّ"بعض الملفات تتعلق بفساد مالي ضخم وارتباطات بجماعات مسلّحة إرهابية وجهات أجنبية، وقد وردت أسماء شخصيات عراقية بارزة فيها، ومنها وزراء ونواب".
وبرّر المصدر الفعل المنسوب الى رئيس الوزراء في هذا الخصوص بأنّ"العبادي يريد كشفها بعد إعلان النتائج، لكي لا تُحسب دعاية انتخابية موجّهة ضد خصومه في الانتخابات"!
من الصعب القبول بهذه الذريعة، فأحد أهم وعود العبادي في برنامج حكومته يتعلّق بمكافحة الفساد الإداري والمالي، وأصبح ذلك الوعد تعهّداً قاطعاً في ورقتي الإصلاح اللتين قدّمهما العبادي وأقرهما مجلس النواب في صيف 2015 بعد اندلاع أكبر حركة احتجاجية في تاريخ العراق. ولطالما ربط العبادي ربطاً صحيحاً بين الفساد والإرهاب، وتوعّد الفاسدين والمفسدين بحرب شبيهة بالحرب ضد داعش.
غير الفاسدين والمفسدين ما كان لعراقي أن يلوم العبادي على تسليم ملفات الفساد إلى القضاء قبل الانتخابات، بل إنّ هذا كان ولم يزل مطلب العراقيين الملحّ. ما كان يتعيّن على العبادي إظهار أيّ نوع من الاحترام والتقدير لخصومه ماداموا فاسدين.
تقديم ملفّات الفساد المشار إليها إلى القضاء قبل الانتخابات كان سيكون أكثر جدوىً لأنه كان سيحول دون ترشّح الكثير من الفاسدين إلى الانتخابات، فها هي الأغلبية من القوائم الانتخابية تحفل بأسماء العديد من الفاسدين والمفسدين والفاشلين الطامعين بالسلطة والنفوذ والمال، وكان في صلب المصلحة الوطنية قطع الطريق المؤدية إلى البرلمان عليهم، وتركهم ليواجهوا العدالة وينالوا ما يستحقون من عقاب.
الظنّ ليس كلّه إثم، ولن يكون من الإثم الظنّ أو الخشية من أن يكون قرار العبادي بتأجيل فتح ملفات الفساد الكبيرة الى ما بعد ظهور نتائج الانتخابات على علاقة بالمساومات والمناورات والمداورات المتوقعة غداة الإعلان عن نتائج الانتخابات وعشيّة تشكيل الحكومة الجديدة.
نرجو ألّا يكون الأمر كذلك.