TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > السطور الأخيرة: لا

السطور الأخيرة: لا

نشر في: 20 مايو, 2018: 06:13 م

 سلام خياط

١-٢
لا توازي بشاعة وفظاعة حرق الناس وهم أحياء، إلا فجيعة حرق الكتب عن عمد وترصد وسابق تصميم .وإصرار .
تبارت — في الآونة الأخيرة —وسائل الإعلام في الشرق والغرب ،وتسابقت بنشر صور حرق الكتب بمكتبة الموصل العامة، وقبلها ، في مكتبات الأنبار، وتفرج القاصي والداني على مشاهد ضرام النار في الكتب القيمة والمخطوطات ،كما لو كان مشهداً سينمائياً عابراً ، يغور في الزحام حال مغادرة القاعة !
التفرج على الكتب وهي تحرق - بغبطة أو مباهاة أو لا مبالاة - دون محاولة لإطفاء ضرام النار ، ولو بصرخة إستغاثة ، جريمة ، وهي ممارسة حرام ، كالفرجة على عورة ميت . سيما والفاعل هذي المرة ليس مجهولاً او ضميراً مستتراً ، كما في الجرائم الغامضة، بل الفاعل معلوم ، مرفوع بالضمة ، مشفوع بكل حروف الجزم والنصب والجر . ومستثنى ب ( إلا ) .
آدانت منظمة اليونيسكو فعلة حرق الكتب . بخ .. بخ . هل تكفي إدانة على شكل همسة !! في مجاهل غابة تعج بالضواري ؟ هل يجدي التوجع وذرف الدموع وعرض الحال على من لا يهمهم الأمر ؟؟
……..
لماذا حين يأزف موعد آفول نجم أمة ما أو يقرب كسوف شمسها ، يبدأ الغرماء بجز رقاب الكتب . تمزيقاً أو غرقاً أو حرقاً ؟ يصطلون بضرام النار ، ويستنيرون بالشرر؟ قبل التفكير بالقضاء على البشر ؟؟
لا عزاء لنا ، فعملية حرق الكتب ليست بالأمر الجديد ، لكن الجديد أن يتم الفعل في القرن الواحد والعشرين ، بسواعد وأكف تحمل أحدث أنواع الهواتف المحمولة، وتتواصل عبرها وتتسمع أخبار إقتحام الفضاء وسبر مجاهل المريخ أو عطارد ، بأناس من لحم ودم وليس عبر الروبوت - الإنسان الآلي- أو مجسات الإستشعار .
قبل قطع الرؤوس ، بدأ هولاكو - حين إجتاح بغداد - بالكتب ، أمعن فيها حرقاً ،حتى إدلهم صحو بغداد بسخام وهباب الدخان وإسودت جبهة النهر لفرط ما ساح في الماء من حبر المخطوطات التي لا تعوض ولا تقدر بثمن .
الكتاب النير الملهم عدو الجهال والأميين ، لذا، مارس العداء للمعرفة - لوجه المعرفة - دولاً وكيانات وتنظيمات و.. و ..منذ أزمان موغلة في البعد ، منذ عهد روما القديمة ، مروراً بحرق مكتبة الإسكندرية - ذات الخمسة عشر ألف كتاب ،مروراً بما أحرق من مؤلفات إبن رشد بحجة الزندقة ، وآثار إبن المقفع بحجة التهتك ،وكثير من مؤلفات الرازي وإبن سينا والكندي ، مروراً بالمانيا النازية على عهد هتلر ………… لعملية حرق الكتب عبر الأقطار وحقب التاريخ ، قصص ودلالات عميقة، تستحق أن تروى ، تستحق المتابعة لإستلهام العبرة والموعظة …. وللموضوع بقية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram