إياد الصالحي
حقيقة لا جدال فيها، أن سرّ تميّز الحلوى العُمانية بجودتها وقيمتها يعود إلى مقدار الزعفران المضاف الى مزيج الطبق لغلاء ثمن الكيلو منه 2500 دولار مثلما حدّثني أحد الزملاء هناك، ولهذا تجد أن حلواهم مميزة في الخليج وسائر الدول المنافسة في صناعة أجود أنواع الحلويات، لكن ماذا عن " زعفران" فريق السويق المتجدّد، وأعني به المدرب الكفء حكيم شاكر، الذي سجّل نجاحاً ثانياً مع النادي بإهداء جماهيره لقب دوري عمانتل للموسم 2017-2018 برغم تسلّمه المهمّة في آذار الماضي؟
الحقائق الفنية على الأرض تؤكد أن حظوظ الكابتن المجتهد حكيم مع السويق كانت كبيرة إذ سبق أن أهدى الفريق لقب الكأس الموسم السابق، بسبب اكتنازه الخبرة لسنين طويلة معمَّدة بالعمل مع المنتخبات الوطنية، وحقق نتائج لافتة معها وحدّث معلوماته في دورات فنية متطورة ولم يتعكّز على ما حققه في مشواره مع الأولمبي والوطني والذي رافقته منغصات كثيرة بفعل الانتقادات العنيفة التي تلقى سهامها المؤثرة من بعض زملائه حتى نضجت لديه القناعة بالابتعاد عن بيئة التدريب المحلية للخلاص من الضغوطات غير المتوقعة لاسيما النفسية منها وهو سرّ تفوق حكيم مع السويق الذي عرف كيف يدير شؤونه بوجود نخبة من لاعبين دوليين وشباب إئتلفوا مع افكاره ووجدوا فيه نموذجاً متكاملاً لقائد منقذ لهم يرافقهم الى منصات التتويج بثقة عالية.
وإذا كانت قدرات حكيم الفنية قد رجّحت كفته ليتفوق ويمنح التفاؤل لانصار "الأصفر" على تجديد الحضور في الموسم التالي من دون تغييرات كبيرة في صفوف الفريق كما ستعمد الفرق الأخرى من خلال مراقبتنا تصريحات رؤساء إداراتها، فإن الوعي الاحترافي لمسؤولي إدارة نادي السويق وراء توقيت اختيار الاستعانة بالمدرب لانقاذ الفريق من النتائج المخيبة التي سجلها سلفه المدرب الروماني إيلي بيلاتشي، وعزّز هذا التغيير الاندفاع لدى اللاعبين لتصحيح وضعهم لاسيما أن جلّهم يمتلك الخبرة الدولية أمثال فايز الرشيدي وخالد الهاجري وعبدالعزيز المقبالي وياسين الشيادي وعلي البوسعيدي وحارب السعدي، وبالفعل تحقق ما تم التخطيط اليه بروية.
أمر طبيعي أن ينجح أي مدرب في العالم بمهمته وفق ظروف عمله وما تقدمه الإدارة من مستلزمات تسهم في نسب كبيرة من نجاحه، شريطة أن يستشعر بقيمة ما يؤديه لا أن تحيطه الشكوك ويحرّك ضعفاء النفوس عقارب (فيسبوكية) تفرز سمومها للنيل من سمعة المدرب وهو ما عاناه حكيم بعد تخلي اتحاد كرة القدم عنه واضطراره الى رفع شكوى ضده مطالباً بحقوقه، حيث واجه حملة شرسة قوّضت فرص بقائه في الدوري المحلي، فوجد أن لا سبيل له سوى مواصلة مهنته خارج البلد مع نادٍ يقدّر كفاءته وقبل كل شيء أنه يمثل كرة بلاد الرافدين بتاريخها المجيد ورموزها الأفذاذ.
صراحة، أنصح الكابتن حكيم شاكر أن لا يغامر ثانية في الدوري العراقي الممتاز بعدما أثبتت تجاربه ومنها "صدمة الشرطة" عدم قدرته على الصمود تحت الضغط وحاجته لمناخات أقلّ تأثيراً على استعداده النفسي لقبول التحدّيات في المستطيل الأخضر لكي يبدع ويصنع الفرح بنكهة عراقية مثلما نافس نظرائه في عُمان وتربع على القمة.
وأرى أن صحفنا وفضائياتنا قد انصفت الدور الكبير الذي لعبه حكيم شاكر في الدوري العُماني دعماً منها للمدرب الوطني كونه خير سفير للعراق وتقديراً لجهوده التي كافأته ليجمِع العُمانيون على أن العراقي قادر على ترميم الانكسار والنهوض من ركام اليأس، منطلقاً نحو أبعد نقطة من الأمل للظفر بالنصر مهما تعثّر بموانع الاستحالة.