علي حسين
تأمّلوا المشهد جيّداً: أميركا مشغولة البال بتقلبات كم جونغ أون وصواريخه النووية ، إيران لاتزال مصرّة على أن الساحة العراقية ساحتها، أولاً وأخيراً، العرب يعتقدون أنْ ليس لديهم ما يربحونه في العراق، فيما المواطن العراقي تدور في ذهنه أسئلة مصيريّة: هل هناك أمل في أن تتغير خارطة التحالفات السياسيّة؟ هل ستظلّ إرادة العراقيين معتقلة داخل أسوار الطائفيّة والإحساس بالخطر من الآخر؟ .
لعلّ ماجرى ويجري في العراق خلال السنوات الماضية كان تجربة عمليّة على حرق كلّ أثر للتغيير، وقد كان مشهد الصراع على المناصب والمغانم بالغ الدلالة والإيجاز، تجربة الأعوام الماضية أثبتت حقائق كثيرة،أهمها أنّ مسؤولينا لا يملكون ما يقدّمونه لمستقبل البلاد، حتى لو راهنوا على مخاوف الناس واحتياجهم الدائم للاستقرار، فهم يملكون فقط القدرة على التخريب والتدمير والتعطيل والعرقلة، وسرقة المال العام وإفساد الذمم.
لعلّ الأمر الذي يجب ألّا ينساه الجميع هو أنّ أداء السياسيين خلال الدورة الانتخابيّة السابقة كان سبباً رئيساً في دفع الناس للكفر بالانتخابات ، أو على الأقل وضعها هي و" العدم " في درجة سواء، إذ تبدو السياسات التي طُبّقت خلال السنوات الماضية أكثر انحيازاً ضد الطبقات المنهكة الباحثة عن عدالة اجتماعيّة وأمان واستقرار.
لقد عاش العراقيون خلال السنوات الخمس عشرة الماضية تجربة غاية في الرداءة من احتكار السلطة على أيدي أفراد معدودين، ولم تكن الناس تتوقع أن يذهب الجعفري ليأتي المالكي، ولا بديل للمالكي إلا العبادي .ومن أجل ألّا يتكرر هذا المشهد ثانية مطلوب من الناس عدم الوقوف مرة أخرى في موقع المتفرج الذي ينتظر ماذا ستهدي إليه الأيام .
هذه لحظة مواجهة إما أن تبقى القوى السياسية التي عاثت خراباً وفساداً مسيطرة على السلطة، وإما أن تبحث الناس عن بديل حقيقي يلبّي مطامحها في بناء بلد معافىً، أو أن "، ويعود تشكيل الحكومة من جديد على وفق نظرية " المحاصصة ".
إنّ العراقيين يأملون من رئيس وزرائهم طبعة 2018 شهادة يومية موثقة بأنه يعمل من أجلهم لأنهم عاشوا سنوات من فقدان الثقة بين المسؤول والمواطن ، بين الدولة الفاسدة والفاشلة ، وبين المحتاجين والمتعبين وطالبي الاستقرار . ومن المؤسف والمحزن أنه بسبب تلوّث تلك العلاقة ، أصبح رئيس الوزراء القادم نفسه في حاجة إلى شهادة " حسن وطنية " !