adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
حسبناها بشارة تأتي متأخرة جداً جداً من أمانة بغداد. وبالطبع فإن يأتي الشيء متأخراً خير من ألّا يأتي أبداً، فاستبشرنا، ليتبيّن أنّ الأمر بقضّه وقضيضه ليس سوى أكذوبة أخرى تعوّدنا على مثيلاتها من سائر مؤسسات الدولة.
الخبر الذي نشرته وسائل الإعلام الإثنين الماضي استناداً إلى بيان رسمي من الأمانة أفاد بأنّ "دوائر البلدية في أمانة بغداد ستتّخذ الإجراءات القانونية الرادعة بحقّ أصحاب مرائب وقوف السيارات الذين يتقاضون مبالغ من المواطنين أعلى من التسعيرة الرسمية المحددة"، وأنّ هذه الإجراءات "تشـمل غلق المرآب المخالف"، وأنّ "دوائر البلدية تعمل على تدقيق عمل الساحات المرخصة وإلزام أصحابها بالأسعار المحدّدة لضمان عدم استيفاء أيّ مبالغ إضافية ومتابعة المخالفين ومحاسبتهم" .
البيان لم يُشر إلى التسعيرة الرسمية المحدّدة، لكنَّ آخر معلومة في هذا الشأن تفيد بأنّ الأمانة حدّدت منذ سنة ونصف السنة ( كانون الأول 2016) سعر الوقوف في المرائب بألف دينار عن كل ساعة ،على ألّا يتجاوز مجمل الدفع مبلغ خمسة آلاف دينار كحدّ أقصى.
بعد يومين من نشر الخبر تصادف أنني ورفيقاً لي احتجنا إلى إيقاف سيارتنا في أحد المرائب .. غبنا أقلّ من ساعتين وعدنا ففرض علينا صاحب المرآب أو العامل فيه أن ندفع له خمسة آلاف دينار من دون أيّ وصل يثبت تسلّم المبلغ أو يبيّن الوقت الذي مكثت فيه سيارتنا داخل المرآب.. بلهجة استنكار شديد، مترافقة مع نظرة احتقار في الواقع، ردّ الرجل على اعتراضنا بخصوص المبلغ الكبير الذي كان علينا أن ندفعه.. مؤكّد لو أننا واصلنا اعتراضنا واحتجاجنا للقينا ما لا يرضينا، بحسب التعبير العدواني الذي نقلته إلينا عينا الرجل اللتان كان الشرر يتطاير منهما.
الطريف - هل هو طريف حقاً؟ - أنّ هذا المرآب مجاور تماماً لمقرّ أمانة بغداد الرئيس في شارع الجمهورية !
السؤال: إذا كان المرآب المجاور للأمانة بهذه الدرجة من تحدّيها وعدم الخوف منها ومِن وعيدها، كيف هي الحال إذن مع المرائب الأخرى، وبخاصة البعيدة تماماً عن أعين الأمانة ورجال بلديّاتها؟ .. وفي الأساس هل ثمة مَنْ يخاف الأمانة ويخشى تهديداتها؟ .. اسألوا المتجاوزين على الأرصفة والشوارع والساحات والحدائق العامة ... وحتى أملاك الأمانة!
لو كانت أمانة بغداد جادّة في تطبيق ما جاء في بيانها لألزمت أصحاب المرائب بوضع لوحات بارزة مكتوبة عليها الأسعار بحسب الساعات، وبتحديد ساعة الدخول إلى المرآب وساعة الخروج منه، كما هو جارٍ ليس فقط في البلدان المتقدّمة.. وإنّما أيضاً حتى في الصومال والسودان.. وربما بوركينا فاسو كذلك!