TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: أبجد هوز الديمقراطية

العمود الثامن: أبجد هوز الديمقراطية

نشر في: 29 مايو, 2018: 09:14 م

 علي حسين

سمعتُ قصصاً عدة هذه الأيام لفت نظري أنّ أصحابها ينهونها بحسرة دامعة على الديمقراطية التي أُهدر دمها، وقد استوقفني حديث النائبة السابقة والزعيمة الحالية حنان الفتلاوي الذي قالت فيه :"إنّ الديمقراطية في خطر"، ورغم أن السيدة الفتلاوي لم تبكِ على الديمقراطية من قبل، بل إنها سخرت من جميع الذين اعتبروا ما جرى مع إياد علاوي عام 2010 انقلاباً على الديمقراطية، ويمكن لمن يريد أن يتأكد الاستعانة بالسيد"يوتيوب"ليرى ويسمع كيف أنّ السيدة الفتلاوي تضحك على الديمقراطية وتقول :"الكرعة وأم الشعر كامت تحجي بالديمقراطية."
مؤشر طيب أن تعيد السيدة الفتلاوي الاعتبار للديمقراطية، إلا أن فائدة البكاء على الديمقراطية تتطلب أن يسأل الباكي نفسه، لماذا كان يسخر من الديمقراطية ويشتم شباب ساحة التحرير ويصفهم بالبعثيين، لكن يبدو أنّ البعض يعتقد أنّ الديمقراطية حيازة أو ملكية خاصة يقسّمها بين أهله وعشيرته ومن يعزّ عليه.
كان ساخر بريطانيا الأشهر جورج برناردشو في الستين من عمره، حين كتب:"عندما يكون الشيء مثيراً للضحك، فاعلم جيداً أنّ وراءه سياسي". يعلّمنا برناردشو أنّ الإنسان يتحوّل في ظلّ السلطة الجاهلة إلى جزء من آلة، ينفّذ من دون تفكير. يسير ويقوم وينام من دون نقاش. لا نهاره له ولا غده ملكٌ لأبنائه.
باسم الديمقراطية ووسائلها كانت السيدة حنان الفتلاوي، تشتم السُنّة مرة، ومرة تسخر من الكرد، مرة علاقة منفعة مع خميس الخنجر، ومرة حرب بلا هوادة مع أسامة النجيفي، مرة تطبطب على كتف مشعان الجبوري، ومرات تطالب برجم مَن يختلف مع ائتلاف دولة القانون، ثم نصحوعليها وهي تصرخ في الفضائيات :"أنا أستحقّ الإعدام لأنني دخلت في ائتلاف دولة القانون، لازم أُعدم بالساحات شنقاً لأنّ كتلة دولة القانون خدعتني".
بعد سماعي لهذه الصرخة تبيّن لجنابي أن الديمقراطية ليست كما بشّر بها أفلاطون، وصاغ مفاهيمها وأسسها أرسطو، فنحن حتى لحظة ظهور السيدة الفتلاوي لا نعرف أي نوع من الديمقراطية نبغي وأي ديمقراطية سنصدِّر للبشرية، ففي الديمقراطيات الحقيقية السياسي الفاشل، يعترف بفشله ويذهب الى بيته معتزلاً السياسة، بينما في ديمقراطيتنا فإن صوت السياسي نذير بساعات النحس.
لماذا ينسى الذين يرفعون لواء الديمقراطية اليوم كل المآسي التي مرت بها البلاد، لماذا بعد سنوات عجاف لا يزال البعض يرى أن الخديعة هي"أبجد هوّز"الديمقراطية ويجب استغلالها إلى أقصى حد؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

 علي حسين منذ أن اعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والطاولات الشيعية والسنية تعقد وتنفض ليس باعتبارها اجتماعات لوضع تصور للسنوات الاربعة القادمة تغير في واقع المواطن العراقي، وإنما تقام بوصفها اجتماعات مغلقة لتقاسم...
علي حسين

إيران في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة

د. فالح الحمـــراني تمثل استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الجديدة، الصادرة في تشرين الثاني تحولاً جوهرياً عن السياسات السابقة لإدارتي ترامب وبايدن. فخلافاً للتركيز السابق على التنافس بين القوى العظمى، تتخذ الاستراتيجية الجديدة موقفاً أكثر...
د. فالح الحمراني

ماذا وراء الدعوة للشعوب الأوربية بالتأهب للحرب ؟!

د.كاظم المقدادي الحرب فعل عنفي بشري مُدان مهما كانت دوافعها، لأنها تجسد بالدرجة الأولى الخراب، والدمار،والقتل، والأعاقات البدنية، والترمل، والتيتم،والنزوح، وغيرها من الماَسي والفواجع. وتشمل الإدانة البادئ بالحرب والساعي لأدامة أمدها. وهذا ينطبق تماماً...
د. كاظم المقدادي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

محمد حسن الساعدي بعد إكتمال العملية الانتخابية الاخيرة والتي أجريت في الحادي عشر من الشهر الماضي والتي تكللت بمشاركة نوعية فاقت 56% واكتمال إعلان النتائج النهائية لها، بدأت مرحلة جديدة ويمكن القول انها حساسة...
محمد حسن الساعدي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram