علي حسين
في الطريق إلى الصحيفة كنت أستمع من خلال إحدى المحطات الإذاعية إلى شيخ في برنامج ديني يجيب على أسئلة المستمعين، اتصل به رجل يسأله سؤالاً،”هل التسوق الإلكتروني حرام أم حلال؟”فتصدى له بشتم التكنولوجيا الحديثة وما تتسبب به من نشر للرذيلة والربا، وأخذ يوزع اتهاماته بالتساوي على أميركا وإسرائيل والماسونية، الخطيب لم يرَ في التكنولوجيا التي يستخدمها في تلقي الرسائل والمكالمات سوى وسيلة لنشر الحرام في البلاد، ويردّ الشيخ على سؤال لمتصل آخر حول مشاهدة المسلسلات التلفزيونية في رمضان، فينصح المستمع بعدم مشاهدتها لأنها تخلق له كوابيس عندما ينام في الليل، وأنا أستمع للأسئلة وأجوبتها قلت لنفسي ترى أين نقع نحن بالضبط من الزمن الذي نعيشه؟ وهل نعيش في عزلة عن العالم وعن الإسلام الذي أكد على طلب المعرفة والعلم حتى ولو كانت في الصين! فلم نعد نطلب إلّا جواباً لشيخ يصرّ على أن نعيش معه في الماضي،وأن تبقى عقولنا في خانة”القطيع”تفتش عمن يملأها بالجهل والخرافة وعدم التسامح والخوف من الآخر.ومثلما يريد الشيخ أن يدخلنا في خزعبلات الفتاوى، نجد مجلس النواب مصرّاً على أن يدخلنا في عالم الخزعبلات السياسية، وكان آخرها أنّ المجلس الموقر قرر أن يعقد جلسة طارئة اليوم – الأحد – لمناقشة أزمة المياه، وكنتُ مثل غيري أتابع أخبار السد التركي منذ سنوات، وأيضا ما تقوم به إيران بين الحين والآخر من قطع لمياه نهر الزاب، وفي كل مرة أسمع أصواتاً، البعض منها يشتم تركيا ويخشى المساس بإيران، والآخر يتّهم طهران، وعينه على أردوغان يطلب الرضا. أما المواطن فإنه يرى وطنه التي ظل لى مدى آلاف السنين يسمى بلاد الرافدين، يتحول الى أرض بور.
ياسادة، العراقي يحتاج ليكون ساذجاً تماماً وربما فاقد للذاكرة لأقصى درجة ليصدق”الإسطوانة المشروخة”التي يرددها البرلمانيون عن الأمن المائي وحماية الحقوق وتدخل دول الجوار، فالناس تدرك جيدا أن كثيرا من السياسيين لهم قدم في العراق وأخرى في إحدى دول الجوار، وأن البعض من الأحزاب السياسية ساهمت في اختراق الأمن الوطني للعراق.
خمسة عشرعاماً والبعض لايريد للعراق أن يتغير، الذين يصرون على تغييره هو الأدوار التي يلعبونها بين الحين والآخر، والنتيجة أننا نعيش في ظل علل الساسة ونوازعهم الطائفية، منذ أيام وجميع السياسيين عيونهم شاخصة الى طهران ينتظرون الامر بتشكيل التحالفات، فيما ساسة عراقيون يتباهون بالتقاط صور باسمة مع السلطان أردوغان، أما العراق ومصالحه فإنه يحضر فقط في تقاسم المناصب والمصالح والامتيازات.