طالب عبد العزيز
سنذهب بالحلم بعيداً لنقول بأن النواب الذين فازوا في انتخابات 2018 عن البصرة إنما يتطلعون الى مدينتهم قبل أن يتطلعوا الى جيوبهم وكتلهم وأحزابهم أو أي شيء آخر، ولا نريد أن نذكر أسماً ما، لكن آمال البصريين ستكون معقودة على هؤلاء، ومن موقعنا سنظن الخير بهم وإن المواطن البصري سيجد فيهم الفرصة الذهبية لانتشال المدينة مما تعاني منه، إذ أن الأسماء الأربعة أو الخمسة الكبيرة، التي فازت كانت عند حسن ظن البصريين، وبينهم من أثبت وطنيته وحبه وإخلاصه للبصرة، قبل الانتخابات بفترة طويلة. نكتب ذلك ولسان حالنا يقول: ليس بالإمكان أفضل مما كان.
ولأن المدينة بحاجة الى أمثال هؤلاء، لذا نريدهم فيها، مسؤولين، محليين، عاملين على همومها، يلجأ إليهم ناخبهم الذي صعّدهم، ويشكرهم إذا عملوا لمدينتهم، ويسائلهم عن تقصيرهم إذا قصّروا، لا نريدهم برلمانيين ضائعين، في بغداد، فتجربتنا السابقة هناك كانت فاشلة ، إذ أن كل النواب البصريين، الذين دخلوا قبة البرلمان، وتنعموا بالوجاهة والامتيازات والحمايات والمواكب الطويلة، نسوا مدينتهم، ولم يتذكروها إلا قبل الانتخابات بشهر او شهرين، ولا يتذكر البصريون أن أحداً أو مجموعة هناك، قامت بتشكيل فريق ضغط (لوبي) واستصدرت قرارا لصالح المدينة، كلهم عملوا ضمن مظلات قوائمهم، وفضلوا مصلحة احزابهم على مصلحة البصرة.
في العالم أجمع، بما فيها السودان لا يعاني المدنيون من آثار سلبية في استخراج النفط، وسماء مدنهم صافية، نظيفة، لكن البصرة، ومنذ بداية العمل بلوائح التعاقدات النفطية التي ابرمها الوزير الشهرستاني، في حكومة المالكي الأولى، مع الشركات النفطية الأجنبية وسماؤها مغبرة، ملوثة، مسرطنة لأبنائها. ما لم يعمل وزير النفط على نظافة البصرة من الملوثِات النفطية، من خلال إلزام الشركات الأجنبية بالعمل على تفعيل وحدات جمع الغاز، وعدم حرق النفط في الجو فسوف يكون قد خذل ناخبيه، وخيب آمالهم وخان أصواتهم، التي صعد بها. ومثل الكلام هذا نسوقه الى وزير النقل والمحافظ الأسبق والنائب السابق وسواهم.
لم نسمع من برلماني بصري سابق، بانه حقق لمدينته قراراً تم بموجبه انتشال قطاع الزراعة، مثلاً أو قطاع الصناعة او الصحة او البيئة، وهذه قضية مخيبة للآمال، إذ ما معنى ان تكون برلمانيا صعدت بأصوات مواطنيك؟ هل لتكون تابعاً لرئيس كتلتك البرلمانية، ومؤتمِرا بأوامر حزبك؟ من المعيب على النائب أن يتحول برغيا صغيرا في ماكينة النزاعات الطائفية والسياسية والمحاصصة؟ أمن أجل هذا أخذ ناخبوك بيدك، يا ترى؟ وما انتفاع مواطنيك بذلك؟ أنت هناك لتعمل ما هو لخير لناسك وأهلك ومدينتك. للأسف تجربتنا نحن البصريين كانت فاشلة مع كل البرلمانيين، الذين دخلوا بغداد بأصواتنا، لأنهم لم يقدموا لنا شيئاً.
هل نسمّي الأسماء التي صدعتنا بمظلومية البصرة، لكننا، نعرفهم واحداً واحداً، ولا نستبعد اليوم الذي لن يجد فيه هؤلاء أسيجة تحميهم من ناخبيهم أنفسهم، ونذكرهم بان الذين صوتوا للمحافظ السابق ولرئيس المجلس السابق وغيرهما، هم الذين تظاهروا عليهم ونددوا بسياستهم. البصرة تعيش كارثة بيئية حقيقية، فالأمطار الاخيرة كانت أمطاراً حامضية، احترقت بها مزروعات الفلاحين. السماء والأرض والشوارع ملوثة وبؤرة للأمراض، الشركات عاجزة عن تنظيف المدينة، والأنهار مكبات واسعة للنفايات، والخراب واضح في قطاعات الزراعة والصناعة والصحة والتعليم وغيرها. هي فرصة نقولها للبرلمانيين الجدد: لا تذهبوا الى بغداد، فالرهان صعب، ليس امامكم سوى البقاء في البصرة، والعمل من أجل أهلها وما يعانون منه.