TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شناشيل: مَنْ أجدر بالعقاب عن تزوير الانتخابات؟

شناشيل: مَنْ أجدر بالعقاب عن تزوير الانتخابات؟

نشر في: 6 يونيو, 2018: 08:17 م

adnan.h@almadapaper.net

 عدنان حسين

سيكون أمراً حميداً وصحيحاً وسليماً أن تُعاقب مفوضية الانتخابات، أو مسؤولون أو موظفون فيها، إذا ما ثبت أنّ للمفوضية أو هؤلاء المسؤولين أو الموظفين دوراً في عمليات التزوير التي طالت العملية الانتخابية الأخيرة .. التزوير جريمة، ولا ينبغي لجريمة أن تمرّ من دون عقاب.
لكنْ ...
هل المفوضية ومسؤولوها وموظفوها الذين سيثبت تورّطهم في هذه الجريمة يتحمّلون وحدهم المسؤولية عمّا صار ودار وجرى؟
ليس من العدل والإنصاف ترك المزوّرين من غير عقاب، وليس من العدل والإنصاف أيضاً حصر العقاب بالمفوضية ومسؤوليها وموظفيها. هناك أطراف آخرون مشاركون في هذه الجريمة يتعيّن أن تنالهم حصّة من العقاب.
أول هؤلاء الأطراف مجلس النواب نفسه ،لأنه كان دائماً يصرّعلى التجاوز على استقلالية المفوضية بجعل مسؤوليها يتعيّنون في مناصبهم على أساس المحاصصة. ومجلس النواب أصرّ دائماً أيضاً على رفض فكرة أن يكون في قوام الهيئات المشرفة على العملية الانتخابية قضاة، فيما يستقتل الآن النواب الذين خسروا في الانتخابات الأخيرة على ضمّ قضاة إلى الهيئات التي ستتولّى إعادة العدّ والفرز لنتائج الانتخابات، أو قصر المهمة على القضاة وحدهم واستبعاد المفوضية!
مجلس النواب هو كذلك المسؤول الأول عن تشريع قانون الانتخابات الذي لا يضمن عدالة وإنصافاً في اختيار الشعب لممثليه. ظلّ المجلس يرفض بعناد تعديل قانون الانتخابات على النحو الذي يضمن العدالة والإنصاف، ويتشبّث باختيار صيغة من نظام سانت ليغو تكون في مصلحة القوى والكتل الكبيرة على حساب القوى الصغيرة والمرشّحين الأفراد.
مجلس النواب هذا يتشكّل في الأساس من القوى المتنفّذة في العملية السياسية، وبعضها له أذرع مسلّحة يعرف الجميع أنها كانت على الدوام تتدخّل في العملية الانتخابية لتوجيه نتائجها في صالح القوى التي تمثّلها.
العمليات الانتخابية السابقة، برلمانية ومحلية، كلّها اُرتُكِبت فيها عمليات تزوير، كانت دائماً لصالح القوى المتنفذة والرؤوس الكبيرة فيها التي لم تغدُ متنفّذة وكبيرة إلا بسرقة المال العام، ومَنْ غيرها قادر على التزوير بكل أنواعه وأشكاله وفنونه، وعلى سرقة المال العام؟ .. هذه المرّة فقط تراجعت أوزان القوى المتنفّذة في الانتخابات وسقطت بعض رؤوسها الكبيرة.. هذا غير راجع كلياً الى عمليات التزوير إنّما الى أنّ العراقيين ما عادت تنطلي عليهم أكاذيب القوى المتنفّذة ورؤوسها الكبيرة، ولا عاد لخطابها الطائفي صدىً بين الاوساط الشعبية. هذه القوى ورؤوسها الكبيرة لا تريد الاعتراف بهذا. تبحث عن كبش فداء. المفوضية كبش فداء جيد، فهو كبشها الذي ربّته وسمّنته.
مجلس النواب لا يريد معاقبة المفوضية وحدها، بل أيضاً الناخبين الذين لم يكن لهم ذنب في عمليات التزوير.. ناخبو الخارج ومخيمات النازحين ومقترعو التصويت الخاص في إقليم كردستان لم يقوموا هم بعمليات التزوير لتُلغى أصواتهم بالجملة .. عمليات التزوير في هذه القطاعات وغيرها قامت بها القوى المتنفّذة التي تُخرِج نفسها الآن من قضية التزوير "مثل الشعرة من العجين"..
القوى المتنفّذة في العمليّة السياسيّة هي مَنْ تستحقّ العقاب عن كلّ الخراب الجاري في العراق، وما تزوير الانتخابات سوى جزء من هذا الخراب العميم... عقاب القوى المتنفّذة يكون بتشريع قانون عادل ومنصف للانتخابات ومثله قانون للأحزاب وتشكيل مفوضية جديدة على وفق معايير الكفاءة والنزاهة والخبرة والوطنية وليس على وفق نظام المحاصصة .. وعقاب القوى المتنفّذة يكون بوضع حدّ لفسادها الإداري والمالي السافر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram