adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
شيء يُشبه النكتة .. بل هو النكتة بعينها، وسِنّها وأنفها وأُذنها وحِنكها .. رئيس الوزراء المنتهية ولايته والمتحوّل مع حكومته إلى مصرِّف للأعمال في غضون عشرة أيام من الآن، يريد أن يحقّق في الدقيقة الأخيرة من الوقت بدل الضائع له ولحكومته ما عجز عنه، أو بالأحرى لم يعمل لتحقيقه على نحو جادّ وصحيح وسليم، على مدى أربع سنوات !
في لقاء له بالقيادات العسكرية والأمنية في مقر قيادة العمليات المشتركة ببغداد لمناسبة عيد الفطر، جدّد في كلمة له التأكيد على حصر السلاح بيد الدولة قائلاً إنّ "أيّ سلاح خارج هذا الإطار يُعدّ سلاح تعدٍّ وفوضى"، مضيفاً إنّ "العمل جار على حصر السلاح"، بحسب بيان رسمي صادر عن اللقاء.
البيان أفاد كذلك بأنّ العبادي شدّد على أنّ "المعركة الثانية هي مع الفساد ويجب أن يتمّ إبعاد المؤسسة الأمنية عن أيٍّ من مظاهر الفساد وأن تبقى نزيهة وفوق الشبهات".
كلام من هذا النوع، عدا أنه مُعاد ومُكرَّر حدّ الملل، لا يُنتظر خروجه على لسان مَنْ أمسك بيديه كلّ مقاليد السلطة الرئيسة في البلاد.. إنه كلام يليق بزعيم سياسي معارض مثلاً، أو صحفي غيور.
العبادي توافرت له كلّ ما يلزمه وما لا يلزمه لتحقيق هذا الذي تحدّث به الآن، لو كان راغباً فيه وجادّاً في إنجازه. . هو رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة التي تشمل الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية والحشد، ورئيس لجان وزارية كثيرة متخصّصة في المجالات العسكرية والأمنية والمدنية المختلفة.
إضافة إلى هذا توافرت للعبادي أيضاً قوة أخرى كانت ستُسهِّل له تحقيق كلّ ما يعزم عليه ممّا يتجاوب مع المطالب الشعبية، فعندما تقدّم العبادي ببرنامج للإصلاح السياسي والاقتصادي والمالي في آب 2015 بعد اندلاع أكبر حركة احتجاجيّة في تاريخ العراق في نهاية تموز 2015، نزل مئات الآلاف من العراقيين إلى الساحات العامة والشوارع في بغداد ونحوعشر مدن رئيسة أخرى دعماً للبرنامج وتأييداً لما وعد العبادي بتحقيقه، وبخاصة على صعيد مكافحة الفساد الإداري والمالي، وتقديم الفاسدين والمفسدين إلى القضاء، ووضع حدّ لنظام المحاصصة، وحصر السلاح بيد الدولة، ومحاسبة الذين مكّنوا تنظيم داعش الإرهابي من اجتياح ثلث مساحة البلاد واحتلاله، بيد أنّ العبادي فرّط بتلك الفرصة الذهبية، فقد ظهر بعد ذلك رجلاً متردّداً خائفاً من الإقدام على أيّ خطوة إصلاحية، ربما خشيةً من أن يتكالب عليه الفاسدون ويسقطوا حكومته. .. بدا غير واثق من الدعم الشعبي أو غير مؤمن به.
والآن، وقد شارفت ولاية العبادي على الانقضاء، لم يتحقّق أي شيء ممّا تعهّد به، فيما يرفع صوته أمام القيادات العسكرية في آخر أيامه داعياً إلى حصر السلاح بيد الدولة ومكافحة الفساد!
صحِّ النوم معالي رئيس الوزراء ..!!