TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شناشيل: ما نعوِّل عليه في القضاء

شناشيل: ما نعوِّل عليه في القضاء

نشر في: 27 يونيو, 2018: 08:04 م

adnan.h@almadapaper.net

 عدنان حسين

ليس من مصلحة القضاء – ولا من المصلحة الوطنية بالضرورة – أن يُعطي الانطباع عن نفسه بأنه مناهض لحرية التعبير التي أقرّها الدستور وألزم الدولة بكفالتها، بما فيها القضاء بوصفه جزءاً أساساً من هذه الدولة وركناً ثابتاً من أركانها.
السلطة القضائية معوّل عليها أكثر من سائر سلطات الدولة في كفالة ممارسة حرية التعبير وسائر الحريات والحقوق العامة والخاصة، فهي الملجأ الأخير للناس، جماعاتٍ وأفراداً، إذا ما تكبّرت وتجبّرت السلطتان التنفيذية والتشريعية وتجاوزتا على الحقوق والحريات.
في مواقف عدة لعب القضاء العراقي مثل هذا الدور المشرّف، لكنه كما أي قضاء في العالم ليس مُشكّلاً من ملائكة وقدّيسين .. القضاة ومساعدوهم بشر، والبشر خطّاؤون بطبيعتهم، ويحفل تاريخ القضاء، الوطني والعالمي، بأخطاء أمكن الكشف عنها وإثباتها لاحقاً والتراجع عنها في نهاية المطاف. وعليه ليس من الحكمة حظر توجيه النقد الى القضاة والقضاء، فهذا سيعني خسارة القضاء لمن يساعده في التقييم والتقويم والكشف عن الأخطاء.
في الآونة الأخيرة صدرت عن مراجع قضائية مختلفة بيانات ومواقف انطوت على التحذير والوعيد، ما يمكن أن يُعطي الانطباع بأنّ قضاءنا بدأ يضيق ذرعاً بحرية التعبير. بالطبع، حرية التعبير لا تعني حرية التطاول والتجنّي والتسقيط والاتّهام الجزافي الباطل. كما لا يمكن نكران أنه تجري يومياً في وسائل الإعلام تجاوزات وانتهاكات لقواعد السلوك وأخلاقيات المهنة المتعارف عليها، وهذا ناجم في جانب كبير منه عن حداثة تجربة الإعلام الحرّ، وعن عدم وجود قانون ينظّم العمل الإعلامي، مثلما ينظّم قانون الأحزاب، مثلاً، العمل الحزبي والحياة السياسية. كلّ القواعد القانونية النافذة في هذا المجال ترجع الى حقبة الدكتاتورية التي لم تعد أحكامها مناسبة للعهد الجديد الموصوف بأنه ديمقراطي أو منسجمة مع مبادئ الديمقراطية والحرية والعدالة.
العراق يمرّ بمرحلة انتقالية، ومن سمات المرحلة الانتقالية الوقوع المتكرّر في الخطأ في المجالات المختلفة. تغليظ موقف القضاء حيال حرية التعبير لن يخدم قضية الانتقال السلس من المرحلة الانتقالية الى المرحلة المستدامة المتميزة بالاستقرار والسلام الاجتماعي والسياسي وسيادة القانون.
المعروف أنّ للقاضي قلباً تزيد سعته عن قلب الفرد العادي .. ومن باب أولى أن تتحلّى السلطة القضائية بهذه السمة العظيمة التي تجعل الناس يركنون الى الطمأنينة معوّلين على حكمة القضاء وعدالته وإنصافه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram