adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
فشلت، إذن، المؤامرة الكبيرة التي استقتل في سبيلها الفاشلون في الانتخابات الأخيرة (معظمهم لهم صفة أخرى هي: فاسدون) للانقلاب على الدستور بالتمديد لبرلمانهم في سبيل مواصلة فسادهم والسعي للتأثير في عمل مفوضية الانتخابات الجديدة المؤقتة من أجل التلاعب بالنتائج لصالحهم.
هذا الفشل يُسجَّل الفضل فيه للحراك الشعبي عبر وسائل الإعلام ووسائط الإعلام الاجتماعي التي شهدت حملة حيوية مناهضة لمحاولة الانقلاب، انخرط فيها إعلاميون ومثقفون وناشطون اجتماعيون وطنيون وقوى سياسية ديمقراطية ومنظمات مدنية حقيقية وليست فضائية فاسدة واقفة دائماً وأبداً على التل فيما تتلقى أموالاً باسم الشعب العراقي ولا ينتفع بها سوى القيادات الأبدية الصحيحة والمزيفية لهذه المنظمات.
هذه النتيجة الكبيرة يتعيّن أن تُعزّز، أو تعيد، الثقة بالرأي العام والعمل الجماهيري .. ما كان لمجلس النواب المُشكّل من أغلبية رفضها الناخبون في اقتراع 12 أيار الماضي، أن يخفق في تشريع تعديل جديد لقانون الانتخابات يمدّد لهذا المجلس الى ما بعد مدته الدستورية لو لم ينتفض الرأي العام الوطني في وجهه رافضاً أي تعدٍّ جديد على الدستور الذي تعرض للانتهاك في عهد هذا المجلس بما يعادل انتهاكات كل المجالس السابقة منذ 2006. يقظة الرأي العام الوطني ورفعه الكارت الأحمر في وجه الفاشلين والفاسدين هما ما أفسد على هؤلاء تحقيق ما أرادوا فرضه برغم أنف الدستور وبالضد من مصالح الشعب الذي صوّت في الانتخابات الأخيرة ضد هؤلاء الفاشلين والفاسدين بالتحديد، سواء بعدم التصويت لهم أو بمقاطعة عملية الاقتراع.
الفاشلون تذرّعوا بأن مسعاهم لإطالة عمرهم البرلماني هو للحؤول دون حصول فراغ دستوري، غير ملتفتين الى أن الشعب العراقي بأكثريته يفضل حصول مثل هذا الفراغ الذي يتحملون هم وقواهم السياسية، مُزوِّرة الانتخابات، المسؤولية عنه، بعدما كانت له تجربة سيئة للغاية معهم طوال أربع سنوات.
مجلس الأكثرية الفاشلة لم ينفع الشعب العراقي في شيء خلال هذه المدة، بل هو مسؤول عن سياسات ومواقف كانت لها عواقب وخيمة. تشريع قانون العفو العام الذي مكّن المئات من الإرهابيين وسرّاق المال من الإفلات من العقاب، وعدم المضي في التحقيق بالكارثة الوطنية الكبرى (احتلال داعش ثلث مساحة البلاد بكل الفظائع التي ارتكبها، وكذا الحال بالنسبة لمجزرة سبايكر)، وعدم التزامه بتعديل الدستور وتشريع القوانين اللازمة لبناء دولة المواطنة والنظام الديمقراطي وبتحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي على وفق الحزم الإصلاحية التي أعلنتها الحكومة والبرلمان نفسه في العام 2015، ليست سوى أمثلة على النكوص المشين لهذا المجلس في الاضطلاع بالمهمة التي كلّفه بها الشعب ومنحَ أعضاءه لقاءها الرواتب الضخمة والامتيازات التي لا مثيل لها في أي دولة أخرى في العالم، وهي أمثلة توجب أن يوصم جبين هذا المجلس بوشم العار لا أن يُمدَّ في عمره كما أراد أصحاب المحاولة الانقلابية الفاشلة على الدستور.