adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
لم يعد ثمة عذر لرئيس مجلس الوزراء، حيدر العبادي، في التواكل والتغافل عن تفعيل وتنفيذ الأوامر القضائية باستدعاء أو القبض على أعضاء مجلس النواب المنتهية ولايته الليلة قبل الماضية وسواهم من كبار المسؤولين في الدولة، ممّنْ قد رُفعت في حقهم دعاوى تتعلق بالفساد الإداري والمالي والإرهاب.
لا عذر للعبادي بعد اليوم، فالنواب لم يعودوا نواباً وحصانتهم قد سقطت، ولم تعد القوى السياسية المتنفّذة في البرلمان التي كان يخشاها العبادي إن "تحرّشَ" بنوابها ووزرائها ومدرائها الفاسدين أو رعاة الإرهاب، قادرة على التهديد بإسقاط حكومته.
الآن أصبحت حقوق الشعب ومصير الوطن في عهدة العبادي وحكومته حتى الانتهاء من عمليات العدّ والفرز لنتائج الانتخابات والتصديق على هذه النتائج والتئام مجلس النواب الجديد وتأليف الحكومة الجديدة.
العبادي أطلق خلال السنوات الأربع الماضية العشرات من الوعود والتعهّدات التي لم يتحقق منها إلا القليل جداً .. حتى التعهّد بدحر الإرهاب لم يُنجز بالكامل بعد، فداعش لم يزل فعّالاً يرتكب جرائمه بدم بارد في عدد غير قليل من مناطق البلاد.
ليس المطلوب من العبادي أن ينصب المشانق للفاسدين والإرهابيين في الساحات العامة على طريقة نظام البعث، فثمة أحكام وقرارات استدعاء قضائية لا تحتاج سوى إلى التنفيذ وتقديم المطلوبين إلى القضاء ليقوم بواجبه تجاههم. أما الفارّون خارج البلاد، وبينهم نواب هربوا منذ أيام فقط قبيل انتهاء مفعول حصانتهم البرلمانية، فليس من الصعب على العبادي وحكومته السعي لاستعادتهم عبر الشرطة الدولية "إنتربول".
في وسع العبادي أن يفعل الكثير على هذا الصعيد من اليوم حتى تشكيل الحكومة الجديدة إذا كان صادقاً في ما قاله مراراً وتكراراً عن عزمه على مكافحة الفساد والإرهاب، فصلاحياته في هذا الخصوص ليست مهدّدة الآن بسيوف مسلّطة من القوى التي ينتمي إليها الفاسدون والإرهابيون.
لإفادة السيد العبادي يُمكنني أن ألفت نظره وانتباهه إلى ما فعله رئيس وزراء ماليزيا، مهاتير محمد، العائد أخيراً إلى رئاسة الحكومة في بلاده .. أول إجراء اتّخذه العجوز الماليزي بعد أداء اليمين الدستورية إصدار الأوامر بالقبض على سلفه رئيس الوزراء السابق وعدد من أفراد عائلته وحاشيته ممّن عاثوا فساداً ونهبوا مليارات الدولارات من المال العام الماليزي.
كلّ ما يحتاج إليه العبادي هو أن يكون صادقاً مع نفسه ومع شعبه فيتّخذ القرارات المتوجّبة المؤجلة التي ربما كان غير قادر على اتّخاذها قبل الآن خوفاً من ردّة فعل مجلس النواب السابق الذي قد شُيّع إلى مثواه الأخير الليلة قبل الماضية غيرمأسوف عليه.
فما حيلة العبادي بعد اليوم؟