adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
من الواضح أنّ قيادات في الأحزاب الإسلامية، وبخاصة الشيعية وبالأخص حزب الدعوة، ما انفكّت تنام وتصحو على كابوس اسمه حزب البعث. بمناسبة ومن دون مناسبة يجري التخويف من البعث وإمكانية عودته إلى السلطة، ولا يُعدم وجود مَنْ يفبرك القصص المثيرة في هذا الخصوص.
أحدث هذه القصص ما تداولته مواقع إلكترونية في الأيام الأخيرة عن"انقلاب"تعمل له الولايات المتحدة، يُعيد ضباطاً من الجيش العراقي السابق (بعثيين) ويسلّمهم السلطة. القصة تقول إنّ الفرقة 101 الأميركية ستُرتّب إنزالاً جويّاً برفقة قادة بعثيين للقيام بانقلاب عسكري..! أضغاث الأحلام الإسلامية تتجاوز هذا السيناريو بكثير، فالفيلم المُتخيّل ينتهي بوضع رئيس ائتلاف دولة القانون وأمين عام حزب الدعوة نوري المالكي في السجن..!
بالطبع هذا ليس سوى هذر وهذيان لممسوسين يعيشون حال الرعب من شبح حزب البعث.
هل يشكّل البعث خطراً حقيقياً الى الدرجة التي تجعل الإسلاميين لا ينامون ليلهم ولا يصحون من نومهم إلا على هذا الشبح؟
إذا كان ثمة خطر حقيقي من البعث أو سواه فإنّما هو من صنع الأيدي المُمسكة بالسلطة منذ إسقاط نظام البعث حتى اليوم، وهي أيدٍ إسلامية في غالبتها - من دون التقليل من مسؤولية الآخرين، شركائهم. كان من الممكن أن يندفن خطر البعث وكلّ خطر آخر مثيل في سابع طبقات الأرض لو لم يرتكب الإسلاميون هذا الكم الهائل من الأخطاء والخطايا المتكررة والمتناسلة في حق العراق والشعب العراقي. هم لم يسعوا الى بناء النظام البديل لنظام البعث الذي كان الشعب العراقي ينتظره، وكان المعارضون لنظام البعث وبينهم الإسلاميون يعِدون به.. النظام البديل الذي أقاموه كان سيئاً للغاية لا يختلف في مضمونه كثيراً عن نظام البعث. معضلة الكهرباء نقطة صغيرة في بحر الرزايا التي يكابدها العراقيون في ظلّ نظام الاحزاب الإسلامية الفاسدة، واجتياح داعش بعواقبة الوخيمة الشاملة ليس أقلّ ثقلاً من حروب صدام ونتائجها الكارثية.
في سنواتهم العشر الأولى، بعد انقلاب 17 تموز 1968، انصرف البعثيون إلى بناء دولة قوية، تقوّضت أركانها لاحقاً بفضل صدام حسين. أما جماعات الإسلام السياسي التي تولّت السلطة بعد إطاحة نظام صدام فقد انصرفت على مدى السنين الخمس عشرة الماضية الى نهب المال العام وتهريب ثروة الشعب العراقي الى خارج البلاد وبناء دويلاتهم الميليشياوية، ما حال منذ البداية دون قيام دولة، وسيظل حائلاً دون بناء الدولة الى أن يتمثّل الإسلاميون تجربة البعثيين في سنواتهم العشر الأولى، أو أن يقرّوا بفشلهم المتكرر المتناسل هو الآخر ويتركوها لغيرهم، بعد تزوير الانتخابات والتلاعب في العملية الانتخابية.
هل يفعلون؟
الشكّ عميق للغاية. إنهم يحبّون العيش مع كابوس البعث وشبح الخطر البعثي.