محمد حمدي
لا أعرف بالتحديد تاريخ أول تزوير رسمي رياضي في الفئات العمرية أو التلاعب بصفة الرياضيين في العراق، ولكن حقائق مذهلة ساقها لنا أحد الرياضيين الرواد وتعود الى خمسة عقود خلت وربما أكثر تحدّث فيها عن ترسيخ ثقافة التزوير المقنّنة في البطولات العسكرية والأخرى التي تخصّ الأندية وبطولات المؤسسات في الألعاب الفردية.
حالات شائعة يعرفها جميع الرياضيين الروّاد - على حدّ قول الرياضي- عايشوها كعمل يومي ولا تخلو بطولة واحدة من التزوير مهما كان شكلها المحلي والخارجي أيضاً، مذكّراً بحادثة طريفة عن كشف أحد الرياضيين لشقيق أصغر منه وهو يقدم للجنة المسابقات جنسية الأخ الأصغر في العائلة!! ويعود ليبرر لنفسه بمقولة ترسخت في العقول هي أن جميع البلدان تعتمد التزوير في بطولات الفئات العمرية والبطولات العسكرية وإن كانت ليست ذي قيمة.
يقيناً أن هذا الحديث لابد أن يكون قد سمع به العديد منا اليوم والأمس وفي كل زمان، ولكن الذي أعرفه اليوم إن فضائح التزوير لدينا قد دوّت في أرجاء المعمورة ومن المحتمل أن يكون لها صدمة مؤثرة في القريب العاجل خاصة بعد القرار الاتحادي بحلّ منتخبات الفئات العمرية الكروية وتبادل المدربين السابقين والحاليين علناً الإقرار بجريمة التزوير وتبرئة النفس منها كونها قضية إدارية تتعلّق بأمور بعيدة عن اختصاص المدرب مع أن بحثه عن الانجاز المسروق هو غاية الطلب لأنه يبحث عن قيد التتويج مهما كان أسلوبه ، هذه هي المشكلة التي لا أريد الخوض في غمارها لأنها معروفة وأراها تتقيد باتحاد الكرة ومنتخباته دون تسليط الأضواء على الألعاب الأخرى الفردية والجماعية ويقيناً لو أن ملفات منتخباتها قد كشفت لترحمنا على اتحاد الكرة الذي بدا فعلاً بتطبيق آلية جديدة ربما حدّت من الظاهرة المريبة، لكن من سيضع يده على جرح الألعاب الفردية والجماعية الأخرى؟
اعتقد جازماً لو أن اللجنة الأولمبية واتحاداتها فعلت إجراءات الردع العقابية على المدرب واللاعب معا فإنها ستوقف بسرعة كبيرة تمادي الأندية الشريكة بهذه العملية المخلّة الهدّامة وهي ليست من الصعوبة بمكان فهناك الكثير من الأساليب الحديثة والقديمة في الكشف يمكن إتباعها من متابعة الأوراق الثبوتية بمختلف الدوائر التي تتعلّق بعمر الرياضي الحقيقي وصولاً الى الكشف الطبي وجميعنا يتذكر العقوبة الشديدة التي تعرّض لها منتخبنا الشبابي المشارك في نهائيات كأس العالم للشباب بكرة القدم ثمانينيات القرن المنصرم وكيف تم الكشف عن التلاعب في جوازات اللاعبين وكيف كان الردع الخارجي الذي لم نستوعب الدرس منه ورجعنا الى ذات الطريق والأسلوب.
حين نتحدّث بهذا الموضوع المعيب والذي اشبعته البرامج الفضائية لقنواتنا المحلية تحليلاً تعترينا الصدمة من هول ما نسمع وصولاً الى الخجل من انجازات كاذبة سجّلت باسم العراق بتشكيلات رياضية مزوّرة وغير حقيقية ستبقى جاثمة على صدورنا بحملها الثقيل الذي يعرفه القاصي والداني، لذلك كله فإن مسؤولية التنظيف وشطب المبرّرات بسجلها الأسود للمدربين والإداريين هي مهمة وطنية تهم سمعة بلدنا ورياضته ولا يجوز لها أن تستمّر لتصبح من الماضي الذي لا نريد تذكّره وننهي هذه الصفحة لنخط لأجيالنا طريقهم الصحيح أسوة بدول العالم الأخرى.