adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
ما هي مشكلة الكهرباء بالضبط؟ .. من دون بلدان العالم قاطبة، بما فيها الفقيرة التي لا تنتج وتبيع نفطاً أو غازاً وليس لديها أنهار ومسطّحات مائية واسعة وأراضٍ زراعية خصبة كما العراق، يعاني العراق من هذه المشكلة، المعضلة، الكارثة، على نحو متفاقم السنة بعد الأخرى.
نعم، ما هي المشكلة بالضبط؟ ففي كل سنة ، وأحياناً في كل شهر يتعهد رؤساء الحكومة ونواب رؤساء الحكومة ووزراء الكهرباء بحلّ قريب للمشكلة، ولا يحصل غير أن المشكلة تتفاقم .. رئيس الحكومة الحالي حيدر العبادي أعلن في مؤتمر صحافي أواخر أيار الماضي أن التجهيز بالطاقة سيتحسّن في غضون الأسبوعين التاليين بدخول وحدات توليدية إضافية الى المنظومة الوطنية. وقد مرّت الآن ستة اسابيع، فيما وضع التجهيز بالكهرباء أسوأ ممّا كان عليه في وقت الإعلان. بعد أربعة أيام من إعلان العبادي قال وزير الكهرباء قاسم الفهداوي في مؤتمر صحافي كلاماً مشابهاً لما قاله العبادي بشأن قرب"رفد المنظومة" بوحدات توليدية جديدة "مما يُحسّن الإنتاج"، خلال شهر حزيران (الماضي) لكنه سعى في الوقت نفسه لإيجاد شمّاعة لفشل وزارته في حلّ المشكلة بإلقاء اللوم على المواطنين الذين اتهمهم "بالاندفاع وزيادة الاستهلاك"، وعلى الظروف المناخية "الفرق بدرجات الحرارة العام الحالي والماضي بنحو 4 درجات زيادة، وهذا أمر لا يمكن توقعه بهذه الحدّة"!!
للكذب والبحث عن ذرائع تاريخ طويل يمتدّ إلى عهد الحكومات السابقة .. من نوري المالكي سمعنا في سنوات ولايتيه الاثنتين وعوداً خلابة كثيرة بحلّ المشكلة، بل إنّ نائبه لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني لم يتوانَ عن إطلاق كذبة بحجم قنبلة نووية عندما أعلن أن العراق لن يبلغ فقط مرحلة الاكتفاء الذاتي من الكهرباء بل سيصدرها الى الخارج بنهاية العام 2013 !
الكلّ مستمرئ الكذب في هذا الخصوص وفي غيره، ولا أحد يريد أن يقول الحقيقة، والحقيقة لها وجهان، الأول أن رؤساء الحكومات ليسوا جديرين بأن يكونوا رؤساء حكومات ليديروا حكوماتهم ووزراءها على النحو الصحيح، وأن نواب رئيس الحكومة ووزراء شؤون الطاقة والكهرباء لم يكونوا جديرين هم أيضاً بالمناصب التي تبوّأوها. أما الوجه الآخر فيتمثّل بالفساد الإداري والمالي نادر المثيل .. وزارة الكهرباء كانت على الدوام من أكبر الأبقار الحلوب في دولة ما بعد 2003 .. عشرات مليارات الدولارت التي نُهِبت باسم مشاريع الكهرباء كانت ستنوّر بلدان الشرق الأوسط كلّها.
بفضل التخادم المتبادل بين كبار الفاسدين في دولتنا، وهم كبار مسؤولي هذه الدولة، لا ينكشف ملف الفساد في الكهرباء ولا في غيرها، ولا يوضع حدّ لهذا الفساد المهول.. ولا تنتهي محنة العراقيين مع الكهرباء وسواها.
منذ ثلاثة أيام نشر الصحافي البريطاني المعروف باترك كوكبيرن تقريراً في "الإندبندنت" عن جولته الأخيرة في العراق، نقل فيه عن مهندس عراقي متقاعد قوله له:" اكتب: في العراق لا توجد دولة.. يوجد فقط لصوص"!
هذا هو واقع الحال.