TOP

جريدة المدى > عام > لوحات فاخر محمد.. جمال العتمة وفضاء المعنى

لوحات فاخر محمد.. جمال العتمة وفضاء المعنى

نشر في: 10 يوليو, 2018: 06:05 م

رياض الدليمي

وأنتَ تنظر الى لوحات التشكيلي الدكتور( فاخر محمد ) تشعر وكأنك داخل جرة سومرية ضاقت عليك وتعتقت معها ومع نبيذ سكرات موتانا السومريين فأرواحهم تلامس أرواحنا في عمق جراره المعتمة البالية .
وفي أخرى من لوحاته ومن أعماله الأخيرة وأسلوبه الذي لم نكن نعتاده في باقي معارضه السابقة ، تشعر إنك محبوس داخل القفص الصدري وتسمع أنين ونبض تاريخ سحيق وقلوب نابضة ما أن يرتفع الحجاب الحاجز حتى تدوي شهقات الموتى والمحرومين والمعوزين والمسحوقين ، يبدو الرائي في حيرة عندما ينظر للوجوه يكاد لا يفرق بين وجوه الأمس واليوم فكثير من هذه الوجوه والشخصيات يخيل لك قد شاهدتها في سوق الحلة العتيق أو في أزقة ( حي كوكة والأكراد ) وفي لمحة أخرى مبصرة تبدو عليها الكدمات وكأنها عادت للتو من حرب مشتعلة مضى فيها (نبوخذ نصر ) وهو يجوب الشام ليحرق ويهتك وينتقم من الذين خرجوا على بساط سلطته .
المساحات الصغيرة التي يجسدها ( فاخر محمد ) في لوحاته وفي ألوان مشعة بين القاتم والواضح وكأنها حصيرة بابلية او سجادة اِله ( سومري أو رجل دين حلّي أو محاويلي أو قاسمي ) تخدعك لتتيه في جمالياتها وتنسى ما اِختبأ ورائها من معانٍ ورسائل فكرية وجودية وأسى حاضر وترقب وحيرة من غدٍ قادم .
يوظف ( فاخر محمد ) الألوان الجريئة في مظهرها ومعانيها بين ( البنفسج والزهري والأبيض والإرجوان ) هي ليست حديقة من حدائق روما بل هي تشكيل من تشكيلات مخيلة الفنان رسمها وفق معايير هندسية وبأبعاد قد تتلاشى للرائي في نظرته الأولى أي المتلقي وتتحقق لحظة اندماج المسافات والرؤى بين اللوحة والمشاهد فيغدو جزءاً من اللوحة ، و أحد أبعادها ، وفي لحظة أخرى تجد إن اللوحة قد أقصته ويحدث تنافر بينهما ويبدوان من عوالم أخرى عالم المخيلة وعالم التقويض الفكري والنفسي الذي يعيشه الفنان وعالم واقعي سحري يمكث فيه المشاهد ، وعالم التشكيلي قد اختزله بمجسمات لا يفقها إلا هو ، للوهلة الاولى نعتقد إنه اقصاء مقصود مجرد في طقوس صوفية سيمائية من تخليق ( فاخر محمد ) لا يدخله إلا ذا ريشة تكسر حواجز الإبداع وتهشم أساليب الفن التشكيلي لآخر مبتكر ومخلق من صنعه وابتكاره.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

الاعتياد على مسالك الحياة السهلة:  صفقة مع الخطر
عام

الاعتياد على مسالك الحياة السهلة: صفقة مع الخطر

ألِكْس كورمي* ترجمة: لطفية الدليمي بينما أكتب الآن هذه الكلمات يرسلُ هاتفي النقّالُ بطريقة لاسلكية بعضاً من أعظم ألحان القرن الثامن عشر (مؤلفها الموسيقار العظيم باخ لو كنت تريد معرفة ذلك!!) إلى مكبّر الصوت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram