TOP

جريدة المدى > عام > موسيقى الأحد : المؤلِفات الموسيقيات- ستروتسي

موسيقى الأحد : المؤلِفات الموسيقيات- ستروتسي

نشر في: 16 يوليو, 2018: 11:20 ص

ثائر صالح

كتبت الكثير من الكتابات عن المؤلفات والموسيقيات اللائي أثبتن براعتهن وفنونهن في منافسة غير متكافئة مع الرجال في المجتمع الذكوري. وذكرت في إحدى المرات أن شهرة المؤلفة الموسيقية ستكون أسهل قليلاً إن كانت رئيسة دير أو تتحدر من عائلة غنية أو نبيلة، أي من بين الحاكمين. تغير هذا الأمر بالطبع، وإن ببطء شديد، رغم استمرار التمييز ضد المرأة في كل مجالات الحياة حتى اليوم وفي كل المجتمعات، بدرجات متفاوتة. فحتى في القرن العشرين نجد فرقاً موسيقية أوروبية شهيرة لم تسمح بقبول العازفات بين صفوفها إلا في فترات متأخرة.

كانت المغنية والمؤلفة والشاعرة فرانشيسكا كاتشيني (1587 – 1640) صاحبة أول أوبرا تؤلفها امرأة بين أولى المؤلفات اللائي نشرت أعمالهن باسمهن، وقد تكلمت عنها وعن أبيها جوليو كاتشيني (1551 - 1618) في كتابة سابقة. أما المغنية والمؤلفة باربارا ستروتسي (1619 – 1677) من البندقية فكانت امرأة استثنائية بالفعل.

أبدأ بالتعريف بعائلة ستروتسي، هي أثرى عائلة في فلورنسا لغاية 1434، اغتنت من الأعمال المصرفية، ثم دخلت السياسة وحصلت على ألقاب النبلاء تماماً مثل منافستها عائلة مديتشي التي سيطرت اقتصادياً وسياسياً على فلورنسا فيما بعد، فانتقلت عائلة ستروتسي لحكم مدينة سيينا.

أما باربارا فقد ولدت في فينيسيا، تبناها الشاعر المعروف جوليو ستروتسي، وعلى الاغلب هي ابنته غير الشرعية من خادمته. شجعها أبوها على دراسة الموسيقى بعد أن توضحت موهبتها، فدرست عند فرانشيسكو كافالي (1602 – 1878) أشهر مؤلف اوبرا في فينيسيا. برعت في العزف على العود والغناء وتأليف الأغاني التي اختارت نصوصها وأشعارها بعناية فائقة فاستعملت أشعار أبيها في البداية، وكتبت نصوص أغانيها بنفسها لاحقاً. ساعدها أبوها في تقديم حفلات غنائية تغني فيها أعمالها التي نشرتها باسمها الصريح وهي سابقة، فهي من بين اولى النسوة اللائي نشرن باسمهن، وكانت المؤلفات ينشرن بأسماء رجالية مستعارة (وهي عادة استمرت حتى القرن التاسع عشر). أعمالها تتركز في الشق الغنائي من الموسيقى، مادريغالات (لأصوات يتراوح عددها بين 2 و 5) كانتاتات (ستة مجلدات) وموتيتات، كلها دنيوية سوى القليل من الأغاني الدينية.

زيادة على ذلك باربارا ستروتسي لم تتزوج لكنها أنجبت أطفالاً. هذا كان أساس الشائعات التي اطلقت ضدها ونعتها بالدعارة، ومن المحتمل أن للموسيقيين الرجال يداً في هذه الشائعات بسبب الغيرة وعدم تقبل هذه المرأة بين صفوفهم. بالطبع لم يكن اختيارها طريقة حياتها هذه ممكناً لولا اسم عائلتها، ولولا التغيير الذي جلبه عصر النهضة في الانتقال الى تقبل الأفكار الجديدة، بالذات ضمن ذلك الجزء الليبرالي من المجتمع الفينيسي. انها ام مع أطفالها دون زوج، مغنية معروفة ومؤلفة خصبة ناجحة وعاشت حياة هادئة وكانت تعيل عائلتها من واردات حقوق النشر والحفلات التي تقيمها: كأنها سابقة لزمانها، تعيش في أوروبا القرن الحادي والعشرين وليس ايطاليا القرن السابع عشر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

الاعتياد على مسالك الحياة السهلة:  صفقة مع الخطر
عام

الاعتياد على مسالك الحياة السهلة: صفقة مع الخطر

ألِكْس كورمي* ترجمة: لطفية الدليمي بينما أكتب الآن هذه الكلمات يرسلُ هاتفي النقّالُ بطريقة لاسلكية بعضاً من أعظم ألحان القرن الثامن عشر (مؤلفها الموسيقار العظيم باخ لو كنت تريد معرفة ذلك!!) إلى مكبّر الصوت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram