TOP

جريدة المدى > عام > ورشة نحاور أقامها القسم الثقافي في المدى..الأدب النسوي وقدرته على ملامسة وتوثيق التابوهات

ورشة نحاور أقامها القسم الثقافي في المدى..الأدب النسوي وقدرته على ملامسة وتوثيق التابوهات

نشر في: 21 يوليو, 2018: 06:25 م

 زينب المشاط
تصوير/ محمود رؤوف

سبق أن طرحت المدى موضوعة " الأدب النسوي وتوثيق التابوهات" بعد أن أُشيّع أن الكاتبات لم يكُنّ قادرات على توثيق الثالوث المحرم "الدين، السياسة، الجنس" وقد لا يخلو ما ذُكر سابقاً من الصحة، إلا أن الكثير من الكاتبات العراقيات استطعن وبجدارة يجب الإشارة اليها أن يكسرن هذه القاعدة المُشاعة، ويُقدمن مادة أدبية من شأنها مُلامسة التابو وتوثيق مراحل صعبة في الواقع العراقي يتداخل فيها الثالوث المحرم.... في جلسات " نحاور " التي تقيمها الصفحة الثقافية لمؤسسة "المدى" نوقشت موضوعة " الأدب النسوي وقدرته على توثيق التابوهات" ، أقيمت الجلسة صباح يوم امس السبت في مقر مؤسسة المدى...

أثبات عكس ذلك
حيث أدارت الجلسة الاكاديمية الإعلامية د. سهام الشجيري قائلةً " إن إحدى الصحف الجزائرية التي أكتب لها، عرضت عليّ ملف الأدب العربي وأسباب كونه غير موثق للتابوهات، وقدموا لي بعض الاسماء العربية والعراقية التي استطاعت كسر التابو، إلا أنها اسماء قليلة."
تّتهم الروائيات العربيات بشكل عام والعراقيات على وجه الخصوص بأن أدبهن ليس وثائقياً ولا يتحدث عن أي تفصيلة تخص "الجنس الدين السياسية" لهذا تؤكد الشجيري إن "واجبنا من خلال هذه الجلسة النقاشية أن نُبين أن هنالك كاتبات عراقيات تفوقن في ملامسة التابو سواء بشكل واضح أو بصورة راقية ورمزية." مؤكدةً أن " الأدب الذكوري أيضاً تجاوز التابو وبدأ يكتب عنه برمزية وبقدرة عالية، حاول من خلالها رصد المشكلات الاجتماعية، وتجنب المقدس لما فيه من أبواب مغلقة، وليس الأدب النسوي فحسب."

الاسماء المستعارة
إن موضوعة الأدب النسوي من الموضوعات الخطيرة، والتي تواجه الثقافة العراقية والعربية، وليس الأدب فحسب، فعلينا أن لا نحدد موضوعة مثل هذه فيما يخص الأدب لوحده، يذكر الناقد فاضل ثامر إن" هنالك تحديات تواجه المرأة في مختلف المستويات، وليس على مستوى الرواية فقط، وأنا ضد محاولة تحديد الندوة في مجال الأدب فحسب لأن الموضوع أشمل وأوسع من أن يُقيّد في الأدب لوحده."
كيف استطاع أدب المرأة مواجهة التابوهات والتحديات الكبيرة منها الثالوث المحرم الدين الجنس السياسة، يتحدث ثامر عن المنظورات الأدبية للمرأة ذاكراً "إن المنظور الأول يرفض الاعتراف بوجود أدب نسوي، والثاني هو منظور عام يقول إن الأدب هو أدب وهو يحقق بذلك نوع من التساوي بين الأدب النسوي وباقي الادبيات، وبهذا يظلم المرأة كثيراً حين يُشار الى ذلك."
يتحدث ثامر عن الضمير الأنثوي في الادبيات ذاكراً أن "هنالك حركات نسوية كبيرة، حاولت أن تنظم بمفاهيم جديدة تحرر بها المرأة من العبودية كما في كتابات سيمون دي بوفوار وأخريات من الناشطات والمفكرات النسويات وعدد كبير من المفكرين الذكور الذين وقفوا مع الحركة وحاولوا تطويرها."
المشكلة التي يرصدها ثامر هي أن "المرأة دائما كانت أسيرة المنظور الذكوري وأن الكثير من النساء الكاتبات اعتدن الكتابة باسماء مستعارة مثل جورج ساند كتبت باسم مستعار وجورج اليوت وبنت الشاطئ وأخريات كتبن باسماء مستعارة لأنها تخشى أن تظهر باسمها الحقيقي بذلك كانت المرأة مضغوطة بالمنظور الذكوري، حتى في لعبة ممارسة العواطف، فابتداءً من القيم الاجتماعية والسماوية والدينية جميعها كانت لصالح الرجل حتى اللغة تخون المرأة إضافة الى ما تعرضت له المرأة من تأثيم وتكفير المرأة كلها تابوهات كان يجب أن نواجهها بشجاعة."

الأدب النسوي وثّق الحدث
في محاولة جادة لإثبات أن الادب النسوي العراقي فيه الكثير من الجوانب التوثيقية ولكن ليس بالضرورة أن يتطرق الى الجنس، قدمت الدكتورة إرادة الجبوري كلمتها حول ذلك وقالت "يجب أن نذكر أن هنالك تابو غير السياسة والدين والجنس، وهو المجتمع الذي وضعنا في قوالب للكتابة عن المرأة وهذا وحده يجب ان يُكسر، أحد النقاد كتب شيئاً عن النقد الثقافي وذكر فيه إن نازك الملائكة هي أول شاعرة وكل الشاعرات اللاتي ظهرن قبلها كُنّ يتمثلن صوت الذكر ليقبلن في الديوان العربي الشعري." بهذا تجد الجبوري "إن الأدب في العالم أيضاً مرّ بهذه المراحل وليس الأدب العراقي فحسب، فالكثير من الكاتبات صرن يكتبن بالطريقة التي يريد الرجل أن يكتبن بها."
تجد الجبوري إن "على المرأة ان لاتطالب بالمساوات مع الرجل، ولا تجعل الرجل معياراً لها فهو ليس أفضل منها، بل أن تجد معاير خاصة لذاتها تحاول أن تتساوى بها، النساء والرجال مختلفين ولكن هذا الاختلاف لا يعني الأفضلية."
هناك أدب تكتبه المرأة وهو يختلف عن الأدب النسوي، تقول الجبوري إن "الأدب النسوي يعني وجود فكر نسوي، وهذا ينعكس في طريقة الكتابة، أما النسوية فهي أقرب الى حركة ما بعد الحداثة."
في أعمار معينة لاتستطيع المرأة أن تتطرق لبعض التابوهات إلا أنها ما أن تتجاوز سناً معينة حتى يكون بمقدورها التطرق لمختلف المحاذير بطبيعة الحال، تذكر الجبوري "أننا لو قرأنا ما كتبن الكثير من القاصات والروائيات مؤخراً سنجد فيه من التوثيق للأحداث الحالية بمختلف صراعاتها الدينية والسياسية والاجتماعية وهذا بحد ذاته دليل على أن الكاتبة العراقية استطاعت أن توثق الحدث."

المنظومة ذكورية
اذا كنا نتحدث عن التوثيق بميدان الأدب، يجب ملاحظة ما حولنا من مظاهر وقضايا وتصورات سيدخل التخييل والعمل الابداعي فيها تذكر الناقدة نادية هناوي إن "المرأة حين تكون كاتبة ابداعية سيكون من شأنها كتابة التوثيق بشكل أدبي وابداعي وهذا لايعود خاصاً بالمرأة العراقية وحدها بل المرأة العربية عموماً، نحن في المجتمعات العربية نعاني من سمة واحدة وهي أن نكون تحت لواء المنظومة الثقافية الرسمية والتي هي بالأساس ذات صوت ذكوري، وإذا ما جاءت المرأة وكتبت شيئاً خارج عن هذا المنظومة سيذكر إنها لم تساير القواعد ولن تماشي الحالة الادبية."
في أوروبا بدأت هذه التوجهات نحو الحركات النسوية التي اتسعت فيما بعد لتشمل الرجال المناصرين للفكر الأنثوي، فالادب النسوي كما تذكر هناوي" ليس الذي تكتبه امرأة بل هو الذي يكشف صوت المرأة ويكشف مخبوءات المرأة وهنا يمكن أن يكون الكاتب رجلاً ويكون الصوت الأنثوي هو الحاضر والغائب، لذا نجد أن الكثير من الكاتبات العراقيات يرفضن هذا التصنيف لأن ذلك يخرجهن من القاعدة التي خضعن لها وبتن يُسايرين المنظمومة الأبوية." مؤكدة إننا " نادراً ما نجد ناقداً يتناول الحداثة الشعرية ويناصر المرأة المتمردة بل إنه يفضل أن يناصر الرجل على تمرده ويجحف حق المرأة كما حصل في مناصرة السياب وعدّه رائد الشعر الحر وإجحاف حق نازك الملائكة بذلك."

خطأ في الاصطلاح
عدم مناقشة قضية أدب نسوي، كانت غايته لأنه يجد أن المصطلح يعني وجود أدب ذكوري وهذا غير صحيح، الناقد بشير الحاجم يتحدث قائلاً إن "هنالك مروجين لفكرة الأدب النسوي وهم من النساء غالباً، ويجب أن نذكر إنه لايوجد ناقد عربي أو عراقي يستثني نازك الملائكة من الريادة الشعرية للشعر الحر ليس لأنها امرأة، بل لأنها طرحت نفسها كناقدة ونوقشت بشأن ذلك."
يذكر الحاجم إن المجتمع والفرد والحياة كسرت التابو من خلال الممارسة اليومية فالجنس أصبح موجوداً وحاضراً في كل المجالات، ولا ينتظر القارئ أن يلمس الجنس في مادة أدبية فحسب، كما أن السياسة حاضرة ولم تعد تابو بالنسبة للشارع وكذلك هو الدين، أما في التوثيق لم يعد التابو شيء مهم كما يقول الحاجم" بقدر ما أن من واجب الكاتب إعطاء الجانب الجمالي حقه في العمل الأدبي الابداعي."
وفي المستويات الأدبية القديمة أيضا لايوجد تابوه كما يذكر الحاجم "لذلك نحن المسلمين نقول على العهد القديم محرّف لأنه لم يعط القدسية الكافية للانبياء، أما العهد الجديد فأصحاب الأناجيل الأربعة يذكرون إن المسيح يغضب على أمه أشد الغضب، وكذلك ذكر القرآن أيضاً حين يتحدث عن يوسف يقول همّت به وهمّ بها وهذا حسب الرواية وهنا أيضا يكسر التابو فتنتهي قدسية النبي، كذلك في سردية ألف ليلة وليلة نجد أن هنالك حكايات تخلو من المقدس والتابو يعني إنها كسرته، فمن قال إن الأدب الرجولي استطاع أن يكسر كل التابوهات لنتحدث عن الأدب النسوي ؟ أنا لا أطالب روائية لتقدم مشهداً حميمياً لماذا ليس لأنها امرأة بل لأني لا أطالب الرجل بذلك أيضاً، لأن المشهد الجنسي في الرواية هو مشهد حدثي وجمالي وفني وليس فائض حاجة لإثارة الغريزة لدى القارئ.
النظرة الرجولية
في كلمة قصيرة للكاتب والمخرج الاكاديمي المسرحي د. عقيل مهدي يوسف يتحدث عن أحادية الزواج وإنصاف الكتاب للنساء، ويذكر
" مازالت المرأة عرضاً زائلاً في الفهم الرجولي البرطياركي متناسياً الجوهر الانساني الكبير، في نظرة بعض الرجال نوع من التبخيس ذلك لأنه في قعره نوع من الإشكال وهذه محاولة للمتاجرة بقضية المرأة."

في موقف
في موقف سابق أشارت الشاعرة غرام الربيعي الى حادث يخص إحدى الكاتبات اللاتي تطرقن الى تابو الجسد في كتاباتهن وقالت " في جلسة أقيمت في الاتحاد لإحدى الروائيات التي أدخلت موضوعاً حميمياً فلعنت داخل القاعة من قبل الحاضرين رغم إنهم من الفئات الثقافية وتركت القاعة، حيث عدّ البعض ان ما كتبته هذه الروائية قلة حياء وليست كتابة أدبية بل محاولة لاستثارة القارئ وهذا ما تتهم به العديد من الكاتبات والشاعرات فيما لو تعرضن للتابوهات في كتاباتهن."
توظيف
يجد الروائي والكاتب صادق الجمل إن موضوعة الجسد في الرواية أو العمل الأدبي يجب توظف لشيء ما في الثيمة، ولا تستخدم لغرض اللاشيء، فعلى سبيل المثال حين يكون هنالك بطلة مومس في عمل أدبي ماذا على الكاتب أن يفعل سوى استغلال الجسد في توظيف العمل الأدبي هذا."

في توثيق الأدب النسوي
الناقد علي حسن الفواز يجد أن الموضوع مضبب بعض الشيء، ويناقش الكثير من الأبعاد كالأدب النسوي والتابو وما تطرقت له النساء من تابوهات في كتابتهن الأدبية ويقول الفواز " ماذا توثق الكاتبة من خلال التابو هل توثق حرمانها العاطفي؟" يجد الفواز إن "الادب جهد فني يعتمد الترميز ويعبر عن حالات اجتماعية، فحين نستخدم الحميمية في الأدب أو التابو يجب أن يكون ضرورة أدبية لذلك، ومن وظيفة الأدب ملامسة جملة من الاسئلة التي يواجهها الواقع، فيجب أن نتساءل كيف وظفت الأديبة العراقية موضوع التابوة في العمل الروائي فحين نتحدث عن لطفية الدليمي نشير الى إنها تعاطت مع مفهوم الجسد من خلال منحى اعتمد التخيل السردي وقدمت بذلك حالة من فنتازيا روائية سردية ولكنها تحوي لحظات توق للحب."

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

الاعتياد على مسالك الحياة السهلة:  صفقة مع الخطر
عام

الاعتياد على مسالك الحياة السهلة: صفقة مع الخطر

ألِكْس كورمي* ترجمة: لطفية الدليمي بينما أكتب الآن هذه الكلمات يرسلُ هاتفي النقّالُ بطريقة لاسلكية بعضاً من أعظم ألحان القرن الثامن عشر (مؤلفها الموسيقار العظيم باخ لو كنت تريد معرفة ذلك!!) إلى مكبّر الصوت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram