TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: عمامتك على رأسي.. لكنْ

قناطر: عمامتك على رأسي.. لكنْ

نشر في: 21 يوليو, 2018: 07:29 م

 طالب عبد العزيز

أتحدث مع كثيرين بشأن العلاقة بين السلطة الدينية في العراق والأداء السياسي العام، وما آلت اليه أوضاع البلاد، ولأن البعض منهم يعرف توجهي العلماني فهو يطالبني بقوله أين أنتم؟ وهل كانت السلطة الدينية عائقاً أمام وجودكم في الساحة السياسية؟ وأني لأجد في أسئلة كهذه أمراً ظاهره الحق وباطنه الباطل،ذلك لأنْ لا أحد يغفل الدور المحوري الذي شكلته وما زالت تشكله الى اليوم السلطة الدينية. ولكي نتكلم بجدية وبأنصاف، علينا العودة الى المربع الاول،يوم تم اقرار الدستور، وتشكيل أول حكومة عراقية، التي لم تقم لولا المباركة والتأييد اللذين قدمتهما السلطة هذه.
لقد كان للجملة التي وردت في الدستور والخاصة بالمرجعية الأثر الواضح في ربط ما هو سياسي بما هو ديني، في متلازمة باتت يوماً إثر آخر واحدة من عوائق الفعل السياسي العراقي،ولم تتتوقف عنده فقد انسحبت على مفاصل عديدة في حياتنا، نحن في العراق العربي- الشيعي تحديداً، حتى بتنا عمياً عن تطوير الأداء العام ، وصرنا نرجع في قضايا عامة وبسيطة الى التشريع والبحث عن الحلية والتحريم والقبول والرفض ولا أجد الخلاص من المتوالية هذه إلا بنداء صريح من السلطة الدينية يقضي بفك الأشتباك هذا.
قطاع واسع من شعبنا بل أغلبية كبيرة علقت آمالها وطموحاتها ومستقبلها على ما تقوله وتسلكه وتنتجه السلطة الدينية في النجف وكربلاء، الأمر الذي قاد البعض في التظاهرات الاخيرة الى الهتاف علناً بما يعني إن السبب الاول في ما يحصل للبلاد إنما خيطه الاول بيد السلطة المقدسة هذه، ومع إنها تكرر دائماً بأن لا علاقة لها باختيار السياسيين إلا أن الذي تأسس وتعمق في الوعي واللاوعي الجمعي عند هؤلاء جعلهم مصريين على مطالبة السلطة الدينية بايجاد الحلول، في إصرار على فقدان البوصلة، من هذا يمكننا استنتاج النهاية المرعبة وغير المحسوبة التي تنتظرنا.
نحن أمة دأبت على تعليق معظم تفاصيل الحياة على متوالية الجنة والنار،الحلال والحرام، الجائز وغير الجائز ولا نجرؤ على اتخاذ قرار حاسم إلا بعد موافقة السلطة الدينية، التي قد تأتي عبر حلم ما، كأن يطوف على أحدنا رجل دين أو ولي صالح ليعلمنا ولو بألغاز وتعمية بان ما نقوم به جائز ومسموح به، ولا أستبعد قول البعض : وهل في ذلك ما يشين حياتنا ؟ بل وما زال الغالبية يرددون العبارة التقليدية (ذبها برقبة عالم واطلع منها سالم) مع أن جُل النصوص القرآنية والاحاديث تحث على غير ذلك. وقد استثمر الذين خلطوا الدين بالسياسة التعمية هذه فانتفعوا وأثروا وفسدوا ،وخربوا البلاد ومستقبلها ومع ذلك نجد بين العامة من يستخرج لهم الأعذار ولا يجرؤ على الوقوف بوجههم ومحاسبتهم ومساءلتهم عما فعلوه وسرقوه وخزنوه، هل نذكر أسماء الذين سرقوا باسم العمامة؟ السوداء والبيضاء والذين نجوا من المساءلة والتعرض لهم لا لشيء إلا لأنهم يعتمون بعمامة رسول الله، العمامة التي خلعتها السلطة الدينية على العشرات ومنحها المساكين القداسة والسلطان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram