علي حسين
ضع جانباً تلك الصور القاسية لعدد من الشباب وهم محاطون برجال ملثّمين يأخذونهم إلى طريق الموت أو التعذيب، ودع جانباً الحديث عن صورة رجل الأمن الذي ارتدى قناع الشيطان، وهو يراقب المتظاهرين من على سطح بناية المطعم التركي، في مشهد أعاد لنا أمجاد كمال الساعدي يوم قرّر أن يسحق تظاهرات 25 شباط 2011، وتعامل مع هذه المشاهد وكأن هذه الصور غير موجودة، أو أن الوكالات استبدلتها بصورة لحيدر العبادي يذهب باتجاه متظاهري البصرة وهو يقول لهم بهدوء : جئت لأستمع لمطالبكم، دون هراوات ولا غاز مسيل للدموع، ولا ملثمين، ولا سراديب مظلمة. ما الذي كان سيغيره هذا المشهد؟ أسمعك تقول تغيّر كثيراً من الصورة الحالية للدولة العراقية، التي تصورت الناس أنها في زمن العبادي ستقوم من غفوتها، وتبدأ في محاربة الفساد ولصوص المال العام، وناهبي أملاك الدولة، ومموّلي الخراب والجهل..فقد مرّت أربع سنوات من عمر حكومة العبادي، دون إجراء واحد يردّ للعراقيين الأمل في المستقبل.
للاسف لم يلتفت العبادي إلى أنّ التظاهرات هي صورة العراق الحقيقية، لا النظام السياسي الكسيح. مئات من العراقيين يموتون ويعذّبون ويسجنون، ودائماً بحسب لوائح العبادي الجديدة، ليسوا أمراً ذا بال. دعهم، فماذا يعني أن يصبح عدد قتلى التظاهرات الأخيرة (١٣) متظاهراً وعدد الجرحى اقترب من الالف، والذين اعتقلوا تجاوزوا السبع مئة، كلّ ذلك أرقام، والنظام الديمقراطي في العراق لا تعني له أرقام الموت والخراب شيئاً، المهم أن تبقى المنطقة الخضراء محصنة من عيون الشعب!
يصرّ العبادي ومعه فريقه المتحمّس على أنّ هناك شبهات حول التظاهرات، وينسى أن الشبهات أولاً كانت ضد الدولة ومؤسساتها التي أخبرنا العبادي في بداية ولايته أنه في صدد إصلاحها، وظنّي أن صور الملثمين ومعهم صورة رجل الأمن صاحب القناع الشيطاني كانت مقصودة، ليس فقط لتخويف المتظاهرين وقهرهم، وإنما لننشغل جميعًا بالجدل حول الصور! ولا نطرح الأسئلة عن الدولة الغارقة في الفساد وسيطرة الجماعات المسلحة، يريد العبادي من العراقيين أن يكونوا معه ضد المتظاهرين، ساكون معه فقط لو استطاع ان يقدم لي تعريف لمفهوم الدولة، هل هي دولة مواطنة وحقوق، أم دولة بوليسيّة تستبدل ضحكة العبادي الناعمة، بقناع الشيطان!