علي حسين
في مرّات كثيرة لا أعرف ماذا أفعل وأنا أقرأ أو أشاهد بعضاً من المسؤولين، هل أضحك من المشاهد العبثية التي أراها أمامي، أم سأجد نفسي يوماً مغشياً عليّ من شدة الأسى والحزن والكآبة التي تثيرها هذه التصريحات.
في مؤتمره الأسبوعي"حديث الثلاثاء"، أخبرنا السيد حيدر العبادي بالحرف الواحد :"وجود مندسّين في التظاهرات،، ألقينا القبض على أكثر من 100 مندسّ في التظاهرات والعدد في تزايد"، ولم يكتف العبادي بهذه البشارة وإنما أكد بصوت منتصر أنه ربما يعرضهم على شاشة قناة جيبوتي، ولهذا كان لابد أن تصدر رئاسة الوزراء كتاباً تحذر فيه كل من تسوّل له نفسه المساس برموز من عينة عباس البياتي وسليم الجبوري.
إذن كلّ من خرج ليتظاهر ضد الفساد ورفع لافتة يسخر من الدولة ورموزها"العظام"في خانة المندسّين، لأنهم يرفضون أن يعود عصر تدجين الشعب، ولأنهم يرفضون أن يعيشوا في ظل نظام يحكمه لصوص يعتقدون أنّ البلاد ملك صرف لهم.
بعد خمسة عشر عاماً من سرقة ثروات البلاد، والخراب والفوضى يريدون منّا أن نؤمن بأن البلاد لابد لها من رموز بخطوط حمر نعيش تحت وصايتهم، يريدون منّا أن نقول للّص والانتهازي والمزوّر والمرتشي سمعاً وطاعة، هذه هي الوطنية التي يفهمونها، وغير ذلك فإن الجميع مندسّون وينفّذون أجندات خارجية.
يريدون أن تضيع أعمار الناس في البحث عن الأمان ولقمة العيش والرضا بالمقسوم.. هذا هو مقياس الوطنية بالنسبة إليهم، وما عداه فهو الاندساس للعمالة والارتماء في أحضان الأجنبي.
متظاهرون مندسّون لأنهم يريدون إجابات عن أسئلة غامضة: من سرق أموال الكهرباء؟ لماذا يقف القضاء متفرجاً وهو يرى حيتان الحكومة ينهبون البلد؟ لماذا يراد لهذا الشعب أن يصبح دوماً وقوداً لمعارك سياسية؟ لماذا يصرّ العبادي ورموزه على إيهام الناس بأنهم محاصرون بالمؤامرات؟ لماذا يريدون من الناس أن تبقى أسيرة أسيرة لمسلسل ساذج لا ينتهي، من المعارك والخطب الطائفية وألعاب عبثية تريد وضع البلد على حافة الحريق؟
لنعترف ونقولها بصوت عال، نعم نحن مندسّون وننفّذ أجندات خارجيّة مادام الدفاع عن كرامة المواطن العراقي يعتبر خيانة، وفضح الفاسدين عمالة للأجنبي، ومادمنا نكتب مقالات مغرضة عن الخراب والانتهازية السياسية والفساد، ونرفض دولة القطيع.
نعم أنا مندسّ، لأنني أرفض قوانين قراقوشيّة، تعامل العراقيين على أنهم ضيوف ثقلاء في هذا البلد.