TOP

جريدة المدى > عام > تظاهرات تموز 2018.. المثقفون والحراك الجماهيري

تظاهرات تموز 2018.. المثقفون والحراك الجماهيري

نشر في: 28 يوليو, 2018: 06:24 م

 زينب المشاط

للثقافة والفنون دورها السياسي والاجتماعي والإنساني، هذا ما نعرفه من خلال واقعنا واحتكاكنا مع هذه الأوساط ليدور الحديث دائماً عن أداء المثقف والفنان وتأثيرهما في حراك الشارع، وما يشهده العراق مؤخراً من انتفاضة شعبية ضد الفساد السياسي والاجتماعي وحتى الديني بحاجة الى تشخيص واضح لدور المثقفين والفنانين بكافة اختصاصاتهم ومجالاتهم وحتى الشخصيات الاجتماعية المعروفة عراقياً، وهذا ما نشهده عبر مواقع التواصل الاجتماعي فهنالك بعض الشدّ بين المثقفين.

يجد جانب من المثقفين والفنانين ان مُناظريهم يعملون على تحريض ودفع التظاهرات الشعبية التي يشهدها العراق في تموز 2018 نحو مأزق كبير، من خلال تناقل أخبار غير صائبة، في الوقت الذي نجد فيه أن بعض الفنانين ذوي مواقف غير واضحة حتى الآن، وهؤلاء أيضاً مُعرضون للتساؤلات عن أسباب عدم تحركهم واتخاذهم موقف واضح حتى الآن، ومن هنا تستمر التراشقات بالتهم والتساؤلات والجدال المستمر...
"المدى" حاولت أن تُسلط الضوء على دور المثقف والفنان في هذا الحراك السياسي الشعبي الاجتماعي، والذي من شأنه أن يكون الحدث الأهم في الشارع العراقي اليوم، خاصة وإن المثقفين والفنانين شخصيات يُقتدى بها من قِبل الكثيرين في الشارع العراقي....
قد يكون الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق هو المؤسسة الثقافية الأولى التي عبّرت عن دورها في هذه التظاهرة، وأعلنت تضامنها قولاً وفعلاً مع الشارع العراقي حيث ذكر الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق إبراهيم الخياط "إن المثقف يجب أن يكون صوت الناس، فلم نكتف في اتحاد الأدباء بموقفنا المشارك والمساند للاحتجاجات الشعبية السلمية، فقد سبقنا الجميع إذ انطلقت أصواتنا منذ عام ٢٠١٠، لذا دعونا يوم الخميس ٢٦ تموز 2018 الاتحادات والنقابات والجمعيات والمنظمات المهنية وبالأخص الثقافية منها الى اجتماع موسع في قاعة الجواهري لمناقشة أهم الظروف التي يمر بها وطننا العزيز، لا سيما حركة الاحتجاج الشعبي التي تشهدها البلاد، بسبب تردي الخدمات، واستشراء الفساد، وسوء الإدارة العامة لمفاصل الدولة."
وضمن الاجتماع الذي تحدث عنه الخياط يذكر أن " ممثلي المنظمات التي اجتمعت تحدثوا عن دورهم وألقوا كلماتهم التي اتفقت على تأييد الحركة الاحتجاجية والوقوف مع مطالب الناس بتوفير الخدمات وفرص العمل والقضاء على الفساد، وإنهاء المحاصصة السياسية، والاعتماد على الكفاءات الوطنية في إدارة البلد، وإدانة العنف ضد المتظاهرين، ومحاكمة المعتدين عليهم، وتعويض ذويهم، مع الحث على سلمية التظاهرات، والمحافظة على المرافق العامة، وعدم التعدي على مؤسسات الدولة، فضلاً عن الدعوة الى إنصاف شرائح المجتمع، لا سيما المرأة والشباب والطفل."
ويتحدث الخياط قائلاً إننا " وضعنا الكثير من المطالب منها توفير البدائل العلمية والمدروسة، بالاعتماد على أرباب العقول والفكر، لوضع الحلول الناجعة للأزمات، مع ضرورة إنهاء المرحلة السابقة من تجاهل الشعب والشروع بمرحلة جديدة تستبق (طوفان الغضب) الذي سينفجر إذا بقي السوء الحكومي المركزي والمحلي على حاله."
وقررت هذه المنظمات في اجتماعها تشكيل لجنة لتنسيق عمل المنظمات المهنية من اتحادات ونقابات وجمعيات ومنظمات، وتكليف السيد فالح كاظم زاير رئيس جمعية المهندسين العراقية بالتنسيق العام للجنة، وإبقاء الباب مفتوحا أمام الجهات المهنية الأخرى للانضمام إلى هذا التجمع الذي يعدّ عقده وانطلاقه خطوة نوعية مهمة ترفد الاحتجاجات الشعبية بمشاركة ومساندة حية من القوى الناعمة التي يشكل المثقفون ولا سيما الأدباء لحمتها وسداها.
بشكل تقليدي جداً يقال إن الفنانين والمثقفين هم ضمير الأمة وهم من يقع عليهم عملية التنوير والعمل على تسهيل الحياة وجعلها أقرب الى الواقع، المخرج السينمائي جمال أمين، وهو مخرج مغترب، إلا أن حضوره واضح لتحشيد الشارع العراقي يقول " إن الفنان في حقيقة الأمر هو المعلم وهو الموجه وهو الفيلسوف القادر على تقديم المعرفة الى المتلقي من خلال مايقوم به من إبداع سواء بالموسيقى والمسرح والسينما والتشكيل وكل أنواع الآداب وكلما كان الفنان مبدعاً يستطيع أن يقود الناس الى المعرفة والجمال وحب الآخر وحب الوطن ونبذ كل مقومات الجهل والتخلف."
وأكد أمين قائلاً " إن أهم مايجب أن يتميز به الفنان والأديب هو الحيادية أي انه لايميل الى تغليب حزب على آخر او دين على آخر أو إيهام الناس بأي فكرة سياسية لأنه في هذه الحالة سيصبح جزءاً من اللعبة السياسية وينتهي الأمر به الى النفاق والانتهازية والمصلحية."
إن قيم الفنان الحقيقية لا تكمُن بالتحريض على العنف والقتل والتهجم يذكر أمين " إن دور الفنان الحقيقي هو العمل على إشاعة المواجهة السلمية مع السلطة ومع من نختلف معه بشكل عام . إن السلم والجمال قيم كبيرة يجب على الفنان أن يتمسك بها بعيداً عن أي فكرة للعنف او الشوفينية او المذهبية او القومية او الدينية الفنان هو وسيلة ترشيح من خلاله نرى الحياة أفضل وأجمل. إن نصب الحرية في بغداد هو النصب الذي يدعو الى الثورة على الطغاة وهو مستمد من عمق الحضارة العراقية وهو ببساطة لايدعو الى القتل او السحل أو الحرق ."
الثقافة هي إنتاج معرفة والمثقف هو المنتج الحقيقي لما يمتلكه من معرفة الكاتب والقاص حسب الله يحيى يتحدث عن دور معرفة المثقف في هذه التظاهرات ويقول إن "التظاهرات الشعبية التي نراها اليوم ما هي إلا نتاج لهذه المعرفة." ويؤكد يحيى قائلاً " إن المتظاهر يعرف ما يريد ومن استلبه حقوقه وماله وحريته من خلال الدور الذي أشاعه المثقف والفنان، ومن خلال ما تم كتابته وغناءه وتمثيله فكلها كانت وسائل لايصال صوت الشعب، وتوعيتهم بذات الوقت، رغم أن عدداً من المتظاهرين يعاني من انقطاع عن التعليم وهذا سببه السياسي الزائف والرجعي والقاتل الذي تبوأ كرسي السلطة ."
ويُلخص يحيى العلاقة بين المثقف والسلطة ذاكراً "إن الثقافة والمثقف، أعداء السلطة التي تريد تجهيل الناس بحقوقهم و استلابها منهم، من هنا نجد أن المثقف هومن يتقدم التظاهرات ويدعو إليها ويناضل من الإعلام أصوات أصحابها."
الدستور العراقي يكفل حق التظاهرات والتعبير عن الرأي ولكن، هل هذا معمول به؟ هذا هو السؤال، بعيداً عن المثقف والفرد البسيط يتحدث المخرج والكاتب المسرحي ماجد درندش عن دور الدستور في التظاهرة ويقول " إضافة الى سؤالنا أن هل الدستور كفل لنا حق التظاهر ؟ السؤال الآخر إذا كان المواطن غير مسلوب الحقوق هل يحتج ويخرج إلى ساحات التظاهرات؟ الحقيقة إن العراق تحول إلى ساحة للتصفيات والصراعات بين دول الجوار وبعض الدول العالمية، هذه الدول أبعدت الاقتتال على أراضيها وجعلوا من العراق مركزاً لدخول قوى الإرهاب وبشتى أنواعها ووسائلها."
أيضاً يبتعد درندش عن دور المثقف في هذه التظاهرة ويشير الى ما فعله الإسلام السياسي وكيف أسهم في دمار هذه البلاد قائلاً "إنه باسم الإسلام السياسي تم سرقة حقوق المواطنين، حيث اعتمد على حيل شرعية تجعل من المؤمن بالله صامتاً غير قابل على الحراك ، وبعد سوء كل الخدمات وتهميش الخبرات وسرقة المال العام ومصادرت الثورات إلى دول الجوار تهالك الإنسان وأصبح وجوده بلا معنى." ويبدو أن درندش يشير الى أن التظاهرات التي تفجرت اليوم ليس فقط نتيجة أقلام المثقفين وتوعية الفنانين بل هي نتيجة ما يشعره الفرد من ذلّ ومهانة وتهميش جمعي أدى وكما ذكر درندش الى "انتفاض الشارع العراقي بسبب الحرمان والجوع والتهميش والإقصاء ولا أعتقد أن ثورة الشباب هذه ستموت، لربما تتعثر بعض الشيء ولكنها ستنهض مرة أخرى بعد سقوط الخوف داخل النفس البشرية وانتقال الخوف أيضا من المواطن إلى السلطة. فلا خوف بعد الآن ومثلما قالها الكبير معين بسيسو "إن قلتها مت وإن سكت مت، فقلها ومت" وأخيراً من حق المواطن أن يتظاهر سلمياً مع الحفاظ على المال العام والخاص واحترام القوات الأمنية وبالمقابل القوات الأمنية البطلة من واجبها أن تحمي المتظاهرين."
ويبدو أن الفنان العراقي والمثقف ورغم اختلاف وجهات نظرهم إلا أن طموحهم يصب في استمرارية التظاهرة، أيضاً ولأن الفنانين والمثقفين باحثون عن الجمال فهم يطمحون الى استمرارية التظاهر دون سفك دم أو تخريب بلاد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الفيفا يدرس زيادة عدد منتخبات كأس العالم

بريطانيا ترفع 24 جهة من قائمة العقوبات على سوريا

العراق يترقب أمطارا غزيرة تستمر للأسبوع المقبل

وزير الإعمار: نصف مساحة العراق خارج خدمات الصرف الصحي

منفذ طريبيل يمنع دخول 2000 رأس غنم مصابة بأمراض معدية إلى العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

الاعتياد على مسالك الحياة السهلة:  صفقة مع الخطر
عام

الاعتياد على مسالك الحياة السهلة: صفقة مع الخطر

ألِكْس كورمي* ترجمة: لطفية الدليمي بينما أكتب الآن هذه الكلمات يرسلُ هاتفي النقّالُ بطريقة لاسلكية بعضاً من أعظم ألحان القرن الثامن عشر (مؤلفها الموسيقار العظيم باخ لو كنت تريد معرفة ذلك!!) إلى مكبّر الصوت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram