محمد حمدي
تمرّ رياضة الإنجاز والأخرى المتعلّقة بها كمؤسسات وأندية بأسوأ مراحلها إن لم تكن الأسوأ على الإطلاق في تأريخ المشاركات والمهنية الرياضية التي عرفت شكل المنافسات ومفعولها في فترات خلت.
لا أقول هذا الكلام تماشياً مع الموجة الجارفة التي يعلم الجميع سجل فضائحها بالتفصيل من مصادر متعدّدة وتلامس حدود جميع المؤسسات، ولكن أقول وأشهد بالدليل القاطع من واقع مرّ ومشهد أمرّ لا يمكن لنا أن نتحمله ولا يطيقه حتى الأصدقاء ومن يريد التفاعل معنا بإيجابية من خارج الحدود، حيث لم يعد لدينا كإعلام رياضي ما نردّ به ونبرّره للغير حين يوجّه لنا أحدهم بالسؤال المحتوم كما حصل معي مرات ومرات:
لماذا تحفل سجلات منتخباتكم الرياضية بشواهد التزوير؟ لماذا يتصارع رموز الرياضة حول المؤسسات ومن جرائها بالمحاكم الداخلية والخارجية؟ لماذا يجتهد إعلامكم في نشر غسيل الرياضة السيئ على مسمع ومرأى الجميع؟ هل سيستمر الصراع بين الأندية والمؤسسات وبين المؤسسات والمشرع القانوني، بل إن التقاطعات المريبة ووضع العصي في العجلات تغلغلت الى درجة كبيرة جداً ووصلت الى المؤسسة الواحدة التي لا يتعاون فيها المدير مع نظيره والوزير مع وكيله وصولاً الى المدرب ومساعده؟
يقيناً أن غير هذه الاسئلة المدمّرة العشرات تؤكد بأن وسطنا الرياضي مصاب بأخبث الأمراض ويعاني الأمرّين دونما أن تكون هناك بادرة حل شجاعة تنطلق من أحد المبادرين بنفوذ فعّال وخريطة لتصحيح المسار على العكس تماماً، فإن المتوقّع هو تدهور جديد وأزمات جديدة سنكتفي معها بفصول مطوّلة من الفرجة المجانية حيث يعتاد البعض على استعراض الأزمات والمشاكل بالسيناريوهات الفضائحيّة التي لا تحدث إلا في عراق اليوم.
حتى وقت قصير مضى أدهشتني مجموعة من الرياضيين الروّاد بتبني تظاهرات منظّمة مع الجماهير للمطالبة بالإصلاحات والتغيير بهامش جميل يوحي بأن هناك من يقف للمُفسِد بالمرصاد، ولا يرضى إلا أن تكون الرياضة واجهة مشرّفة للبلد، ولكن ما حدث بعد ذلك هو المتوقّع تماماً، فإن عدوى المرض دبّتْ هي الأخرى بأوصال المصلحين وأنهكتْ جسدهم المتعب، فالبعض منهم أقنعته المناصب الواهية والآخر تراجع عن مبدأ الإصلاح مقابل مغريات سفرة من أسبوع واحد، فيما راوحت الجماهير مكانها تضرب الراح بالراح وتعلن يأسها وعدم مبالاتها بكل ما يمت الى رياضة التزوير والفساد والمؤامرات بصلة وصل.
إن الواقع الشاذ المأساوي الذي نطرحه، وقد أطاح بثقة الجماهير في المؤسسات والممثلين الرياضيين، يضعنا أمام عقدة مستعصية اسمها غياب وضياع الحلول في عراق اليوم، وبقاء سجل التنظير الإصلاحي والمطالب مفتوحاً وكأننا نتحدّث عن أزمة الكهرباء المتجدّدة كل صيف ومياه البصرة المالحة وأزمات البلد المتراكمة، حتى أيقنت تماماً بأن المشكلة الهائلة في الرياضة هي جزء لا يتجزأ من جميع الملفات العالقة.
ستبقى رياضتنا هكذا بتزويرها وفسادها وخروقاتها من دون تغيير، حتى يأذن الله بغصلاح جذري تنتهي بعده مشاكل العراق بسلة واحدة، فيعود الشخص المناسب الى المكان المناسب، ويلفظ السرّاق والفاسدون الى مزابل التأريخ ولعناته!
ليتهمني من يتهم بالفكر اليائس والرؤية التشاؤمية، وليقنع نفسه إن استطاع إقناعها، بألوان الحلول الترقيعية والمهدّئات التي يُضرب على وتر إصلاحاتها في الحملات الانتخابية، لكن ما أتمناه فعلاً أن تنظّم جماهيرنا الرياضية التظاهرات اليومية للمطالبة بغصلاح منظومتنا وألعابنا واتحاداتنا وأنديتنا فقد يأتي مَن يتسلّمها ويحقق منها أي سقف مقبول من طموحات التغيير ولو بشكل مؤقت.