TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شناشيل: تقرير البنك المركزي جيّد.. لكنّه ناقص

شناشيل: تقرير البنك المركزي جيّد.. لكنّه ناقص

نشر في: 31 يوليو, 2018: 08:28 م

adnan.h@almadapaper.net

 عدنان حسين

أظنّ أنّ البنك المركزي العراقي لم يفعل شيئاً في تقريره الأخير غير أنه أشعل ناراً جديدة أو زاد من سعير نار متأججة في الأساس بدلاً من إخمادها أو التخفيف من لهيبها.
وعلى أية حال فإن إدارة البنك يُحسب لها أنها أخيراً تجاوبت مع حق الشعب العراقي في معرفة كم تلقّت الدولة من أموال (عملة أجنبية متأتية من عائدات النفط في الغالب) وكم أنفقت في الاثنتي عشرة سنة الماضية، فهذه الدولة شديدة العداء للشفافية، فالدستور مثلاً يلزم الحكومة بتقديم كشف حساب مفصّل مع كل موازنة جديدة تتقدم بها الى مجلس النواب، لكن الحكومة لم تفعل هذا في أيّ ولاية من ولاياتها ، ومجلس النواب لم يرفض في أيّ دورة من دوراته مناقشة الموازنة الجديدة ما لم ترفق بحسابات السنة المنصرمة، وكلاهما، الحكومة والبرلمان، إنما كانا يخرقان أحكام الدستور على نحو سافر.
البنك كشف في تقريره عن أنّ "إجمالي مقبوضات وزارة المالية من العملة الأجنبية، خلال السنوات 2005-2017 ما يقرب من 706.23 مليار دولار أميركي، وبلغ مقدار ما أنفق منها 703.11 مليار دولار، أي ما نسبته 99.5% من حجم الإيراد الكلي، والمتبقي كما في 31/12/2017 دُوِّر إلى رصيد افتتاحي لحساب وزارة المالية في بداية عام 2018".
البنك برّرإعلانه هذا بالقول إنه جاء "من أجل إزالة الشبهات واللبس الذي يسود هذه المسألة"،
وأشار إلى أن "هذا الإنفاق يوزع على أبواب مختلفة، أهمها التنقيد الديناري (مزاد العملة)، وهو ما تقوم وزارة المالية بإنفاقه في الموازنة العامة، إذ بلغ خلال السنوات 2005-2017 ما يقرب من 488.6 مليار دولار، أي ما نسبته 69.5% من إجمالي الإنفاق، يليه استيرادات الحكومات العراقية للمدة نفسها التي تتم عن طريق المصرف العراقي للتجارة (TBI) بملغ 156.9 مليار دولار، بنسبة 22.3% من مجمل النفقات، ومن ثم نفقات تسديد مستحقات مقاولي عقود الخدمة النفطية والمدفوعات العسكرية البالغة 41.5 مليار دولار، أي ما نسبته 5.9% من إجمالي النفقات، أما المتبقي الذي يشكل نسبة 2.3% من الإنفاق الكلي، فقد وجّه لتسديد دفعات ديون العراق وغيرها من النفقات الأخرى".
البنك عمل خيراً بهذا الإعلان، لكن ليس المهم نشر هذه الارقام، المعروفة تقريباً وجرى تداولها غير مرّة مع بعض الزيادة أو النقصان في التقديرات.. الشيء المهم الذي أغفله بيان البنك، وهو ما يريد الشعب معرفته، يتعلق بأوجه صرف هذه المليارات من الدولارات. البنك أعطى مجمل النفقات في القطاعات الرئيسة ( الموازنة العامة، استيرادات الحكومة، نفقات تسديد مستحقات المقاولين وعقود الخدمة النفطية والمدفوعات العسكرية، وتسديد ديون العراق)، لكن من دون تفاصيل للنفقات في كل قطاع، والتفاصيل مهمة للغاية، فالشيطان يكمن في التفاصيل كما يقال، والشيطان الذي يكمن في تفاصيل إنفاق مئات مليارات الدولارات هذه يتمثّل في الفساد الإداري والمالي الذي "شفط" حصة معتبرة من هذه الثروة المهولة، ما ألقى بالعراق إلى وهدة التخلّف وبالعراقيين إلى الجوع والبطالة والمعاناة من سوء الخدمات الصحية والتعليمية والخدمية العامة (الكهرباء والماء....).
ربما هذه ليست وظيفة البنك المركزي لكن لابدّ للتقريرأن يفتح الأبواب أمام الهيئات الرقابية والقضائية للتحقيق في مصير هذه الثروة التي لم يظهر لها أيّ أثر ملموس في حياة العراقيين الذين عِيل صبرهم فانفجروا غير مرّة ، وكان انفجارهم الأخير قويّاً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram