TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مصارحة حرة : الفيفا يُدهم بغداد

مصارحة حرة : الفيفا يُدهم بغداد

نشر في: 19 أغسطس, 2018: 12:00 ص

 إياد الصالحي

خيبة أمل كبيرة لم أتوقعها وأنا أرى القلق والارتباك بل التوجّس على وجه وزير الشباب والرياضة محاولاً تفادي سؤال مراسل قناة فضائية عن زيارته الأربعاء الماضية زيورخ، حيث مقر الاتحاد الدولي لكرة القدم للقاء أمينه العام فاطمة سامورا، وتوارد معلومات تخص مسعى (الفيفا) التحقيق مع العراق عن شبهات تزوير في أعمار لاعبين مثّلوا منتخباته في محافل قارية ودولية لم يقف الفيفا على صحّتها حتى تتجلى له من نتائج التحقيق.
نعم خيبة أمل، برغم أن الوزير عبد الحسين عبطان يتعامل بحذر مع جميع القضايا التي شهدتها حقيبته الوزارية المنتهية، وأنا أعي موقفه المحرج لكني لا أبرره، فمن ينجح ببناء ملاعب عالمية لبلد دمرته الحروب والأزمات الاقتصادية ويكرّس جهده لأصعب المهام، كيف يفشل في بناء جيل جديد خالٍ من ألاعيب مافيا التزوير، لماذا لم يحقق بنفسه فاضحاً المخرّبين ضمن منظومة الرياضة، وهل يليق ببغداد أن تُدهَمْ من لجنة دولية للتحرّي عن بيان ولادة وجواز سفر وجنسية ووثيقة دراسية وقيد ناديوي وإفادة لاعب ومدرب وهي من أبسط مهام الوزارة بالتنسيق مع الأولمبية والاتحادات، أم أدمنّا على تسويق أزماتنا الى الخارج بفخر واعتزاز ليطلع الآخرون على تجربتنا الديمقراطية التي أسِئنا تطبيقها ولا نخجل من التباكي والتمزق والتآمر مع بعضنا على بعضنا تشكّياً من ويلات هذه التجربة!
الوزير عبطان، كتب قبل ست ساعات من تبشير متابعيه لصفحته في (الفيسبوك) يوم 15 آب الجاري، أن "الإنسان الناجح من يستطيع رؤية ما هو أبعد من أن يراه الآخرون" وهذا أمر جيد، لكن لم يخبرنا الى أين وصلت رؤيته وأعضاء اللجنة التنسيقية العليا للرياضة في العراق المكوّنة من ممثلين عن الأولمبية والبارالمبية وممثلي وزارات الداخلية والتربية والتعليم العالي التي باشرت في حزيران عام 2015 بإجراء الفحوصات للاعبي منتخب الناشئين الخاص بأعمارهم من أجل بناء أسس صحيحة ومتينة للكرة العراقية ومحاربة التلاعب بالأعمار، وإرسال اللاعبين إلى دائرة الطب الرياضي للخضوع للفحص الطبي وأخذ منهم بصمة العين وكفّ الأصابع بغية معرفة العمر الحقيقي لكل لاعب؟ لا شيء تحقّق! تعرفون لماذا؟ لأنه في تشرين الثاني من العام نفسه، خرجت اللجنة التنسيقية بحقيقة صادمة عن موضوعة التزوير، حيث تيقّنت بعدم استجابة بعض الاتحادات لجميع التوجيهات السابقة بضرورة محاربة تلك الآفة الخطيرة، وتم الاتفاق على اتخاذ أقصى العقوبات وفضح المتستّرين والمزوّرين في وسائل الإعلام، وصولاً الى تحويل ملف من يثبت تزويره الى القضاء لينال جزاءه وفق القوانين العراقية النافذة إزاء تلك الحالات!
تصريحات مستهلكة لا قيمة لها تظهر اهتماماً شكلياً بملف التزوير من دون حلول جذرية، وبذلك برّأتم بسكوتكم الطويل على مدى ثلاث سنوات جميع المتهمين، حتى تمّت الاستغاثة بممثلين من جماعة سامورا ليقوموا بعملكم وأنتم تخلون مقاعد لجنتكم التنسيقية العليا لهم تعبيراً عن أسفل درجات الفشل والعجز والإحباط.
لن استثني أحداً من تحمّل تبعات إلحاق ضرر كبير بسمعة الكرة العراقية وهي توشك أن ترى قفل الإيقاف الدولي معلقاً على بوابة اتحادها الذي تماهل كثيراً، بل وضع مسؤولوه رؤوسهم في أبؤر بعيدة يرتووا منها لقتل عطش اللهاث لإنهاء أزمات إدارية مهلكة، ولم تعد قضية التزوير تؤرقهم، حيث سلّموا ملف التحقيق بيد نائب الرئيس الذي أكد بنفسه أنه لا يصلح للمهمة بتاتاً وهو يخضع لطلب ملحّ من مدرب الناشئين المُقال أمام شاشة التلفاز ليعلن (أن قرار الإقالة كان متسرعاً) بينما التحقيق جارٍ ولا ندري، ماذا سيعدّل من تصريح لو ثبتت النتائج عكس ذلك ووجود تهمة التورّط بتغيير قائمة أسماء اللاعبين بعد تدقيقها؟!
الوزيرعبطان مطالب الآن باجتماع استثنائي للجنة التنسيقية العليا للرياضة في العراق لتهيئة ملف متكامل يوضّح مؤشّرات اللجنة على قضية التزوير والجهات المقصّرة التي أسهمت بلا وعي ولا حرص في نقل القضية الى طاولة الفيفا، إذ لا يجوز التهاون مع الموضوع من قبل ممثلي الأولمبية والبارالمبية والوزارات الثلاث، فسمعة العراق فوق المصالح الضيّقة، واللجنة تتحمّل المسؤولية مباشرة كونها شكّلت لغرض مكافحة التزوير ومحاسبة أي اتحاد يهمل التعاون معها.
إن تهديد أي مسؤول بعصا القضاء يمثل فورة انفعالية لحظة شعوره بزيادة منسوب الفشل وفلتان الرَعيّة من طوع أمره!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

العمود الثامن: ليلة اعدام ساكو

 علي حسين الحمد لله اكتشفنا، ولو متاخراً، أن سبب مشاكل هذه البلاد وغياب الكهرباء والازمة الاقتصادية، والتصحر الذي ضرب ثلاثة أرباع البلاد، وحولها من بلاد السواد إلى بلاد "العجاج"، وارتفاع نسبة البطالة، وهروب...
علي حسين

قناطر: المسكوت عنه في قضية تسليم السلاح

طالب عبد العزيز تسوِّق بعضُ التنظيمات والفصائل المسلحة قضية الرفض بتسليم أسلحتها الى الدولة على أنَّ ذلك قد يعرض أمن البلاد الى الخطر؛ بوجود تهديد داعش، والدولة الإسلامية على الحدود مع سوريا، وأنَّ إسرائيل...
طالب عبد العزيز

ناجح المعموري.. أثر لا ينطفئ بعد الرحيل

أحمد الناجي فقدت الثقافة العراقية واحداً من أبرز رموزها الإبداعية، وهو الأديب ناجح المعموري الذي توزعت نتاجاته على ميادين ثقافية وفكرية متعددة، القصة والرواية والنقد والميثولوجيا. غادرنا بصمت راحلاً الى بارئه، حيث الرقدة الأخيرة...
أحمد الناجي

من روج آفا إلى كردستان: معركة الأسماء في سوريا التعددية

سعد سلوم في حوارات جمعتني بنخبة من المثقفين السوريين، برزت «حساسية التسميات» ليس كخلاف لفظي عابر، بل كعقبة أولى تختزل عمق التشظي السوري في فضاء لم تُحسم فيه بعد هوية الدولة ولا ملامح عقدها...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram