TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شناشيل: أينهم.. المُندسّون؟

شناشيل: أينهم.. المُندسّون؟

نشر في: 5 أغسطس, 2018: 12:00 ص

adnan.h@almadapaper.net

 عدنان حسين

اليوم يكون قد انقضت على انطلاق الحركة الاحتجاجية الحالية أربعة أسابيع بالتمام والكمال. منذ البداية رفع رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي صوته عالياً بأنّ "مندسّين" قد اخترقوا التظاهرات، ومثله ردّد كالببغاء، بلهجة يقينية عددٌ غير قليل من أفراد حاشيته من المساعدين والمستشارين ومن قياديي ائتلاف النصر وقادة أحزاب وميليشيات وأعضاء في حاشياتهم، فضلاً عن قيادات أمنية اتحادية ومحلية ومحافظين ورؤساء وأعضاء مجالس محافظات ممّن استشعروا الخطر.
حفلة الاندساس تلك لم تضع أوزارها، فقط تراجعت. مع ذلك فإن حكومة السيد العبادي والقوى الأمنية التي يقودها وجهاز الدولة العرمرم لم تنجح جميعها حتى اليوم في العثور على "مندسّ" واحد ليقدّموه إلى القضاء كيما يجعلوا منه عبرة، فلا يعود أحد يندسّ في التظاهرات اللاحقة التي لابدّ من أن يتكرّر تفجّرها إنْ لم تعمل القوى المتنفّذة على تحقيق مطالب الحركة الاحتجاجية، بوصفها مطالب مُحقّة ومُستَحقّة ودستورية كما جاء مرّات عدّة على ألسنة المتحدثين عن الاندساس والمندسّين أنفسهم.
لم يكن حديث الاندساس جديداً. هو يُعيد إنتاج نفسه منذ 2010 حتى اليوم مع كلّ موجة من الاحتجاجات الشعبية على استشراء الفساد الإداري والمالي وانهيار نظام الخدمات وانحدار الممارسة السياسية. كان "المندسّون" يوصفون في السابق بالبعثيين والقاعديين، وإذ لم يعد بالإمكان العودة إلى الاسطوانة القديمة صار اسم المتظاهرين، أو بعضهم، الآن مندسّين!.. لم تدرك العقول الصغيرة لكلّ هؤلاء الذين حملوا راية الاندساس، أنهم بهذا إنّما يشتمون أنفسهم ويُدينون ذواتهم، فالمفترض أنّ المندسّين عدد ضئيل من الأفراد الذين يتسلّلون خلسة إلى الجموع المحتجّة ليخرّبوا الحركة الاحتجاجيّة بتوجيهها وجهة أو وجهات مختلفة عن وجهتها الأساس. وإذ تعجز دولة بجيشها وشرطتها وقواتها وأجهزتها الأمنية عن الكشف عن المندسّين وتعطيل
المندسّون لم يكن لهم وجود في الواقع إلّا في هذه العقول الصغيرة، بل هي صناعة مفبركة عن قصد لتشويه سمعة الحركة الاحتجاجية والقائمين عليها، ولتبرير التعامل مع المحتجّين بقسوة مفرطة على النحو الذي حصل بالفعل مع الحركة الحالية حيث قتلت القوات الأمنية وعناصر الميليشيات 14 شخصاً وأصابت بجروح مئات آخرين، فالسلاح الذي انطلق منه الرصاص الحيّ والغازات الخانقة كان في أيدي القوات الأمنية وعناصر الميليشيات حصراً.
في الحقيقة كان هناك مندسّون، لكنّهم من القوات الأمنية ومن الميليشيات، وهذا ما يفسّر عدم اعتقال أيّ "مندسّ" حتى الآن وتقديمه إلى القضاء وعدم تحقيق أجهزة الدولة، وبخاصة جهاز الادّعاء العام، بقضايا قتل الأربعة عشر محتجّاً وجرح المئات.
أين اختفى المندسّون؟
سؤال مُلحّ حقّاً، موجّه إلى رئيس الوزراء القاد العام للقوات المسلحة وسائر أفراد الرهط المنخرط في حفلة المندسّين.
لن يجيبوا عليه بالتأكيد ،لأنهم أنفسهم لا يعرفون مندسّاً واحداً، ويعرفون أنّها كذبتهم..!


انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram