علي حسين
في واحدة من حلقات المسلسل الضاحك"حمّام الهنا"يظهر غوّار الطوشي وهو يخبر أحد زبائن الحمّام أنّ جناب المختار قال لسكان الحارة إنّ اللصوص يخافون الاقتراب من الحارة، لكنّ المواطن المسكين ما إن سمع هذه الكلمات حتى مات من الضحك.
بالأمس وأنا أقرأ بيان الناطق الإعلامي لمجلس الوزراء الذي يخبرنا أنّ"معاليه"صادق على إحالة عدد من الوزراء السابقين مع مسؤولين كبار الى النزاهة، على خلفية فساد في عقود مدارس متلكئة في عدة محافظات، لم اضحك ولكني تذكرت كيف أنّ أفلام الخيال تحقّق أكثر المشاهدات، والبعض يعزو السبب لأنّ الإنسان يشعر بمتعة كبيرة عندما تكذب عليه.
المشكلة الكبرى في هذه البلاد أنّ الجميع يشعر بالمتعة وهو يطلق بالونات الكذب، وفي الدول العاديّة يكون القضاء سيفاً قاطعاً لمحاربة اللصوص. أما في بلاد"ماجد النصراوي"فأكثر ما يخشاه مسؤول سرق مئات الملايين من الدولارات أن تُسحب يده، أما المحاكمة والسجن والغرامة وإعادة ما نهب، فهذه أصبحت من الكماليّات!
في عام 2015 أخبرنا العبادي أنّ الحرب على الفساد بدأت ولن تتوقف حتى سقوط آخر قلعة من قلاع الفساد، ولأنّ جنابي يطلق عليه لقب مواطن صالح، فقد كنت أستمع لخطب العبادي وأسال هل في العام القادم سيحين قطف رؤوس الفساد؟ ومرت الأيام ودارت الأيام مابين حسين الشهرستاني الذي لايزال ينام آمناً مطمئنّاً، وخضير الخزاعي الذي يتمتع بأموال المدارس الحديدية، ومئات غيرهم برعوا بممارسة النهب المنظّم بالعلن.
وقبل أن تسأل عزيزي القارئ لماذا لا تفرح وتصفق لبيان رئاسة الوزراء، أطمئنك أنّ شعارات الحرب على الفساد هي مجرّد افلام خيال هدفها"تزويق"لمرحلة فاسدة برمّتها، ما كان لها أن تتأسّس، لولا أفضال الفساد عليها.
لعلّ الملاحظة الأساسية في بيان الناطق الاعلامي لمجلس الوزراء، هي متى تُعلَن الحقائق على العراقيين،، حتى يعرفوا جيداً مَن السارق، وكيف تتمّ السرقات.. ومن يقف وراءها.. فجميل أن يذكرنا البعض ولو في الوقت الضائع ان هناك هيئة للنزاهة، ولكنّ الأجمل ألّا يتمّ إخراج فيلم فساد المدارس الحكومية بنفس الطريقة التي تمّ فيها إخراج مسلسل مليارات الكهرباء، وقبلها تمثيلية صفقة الأسلحة الروسيّة، وأموال الموازنات التي تجاوزت الترليون دولار ومع هذا لانزال نستجدي الكهرباء والغاز والطماطة من دول الجوار.