محمد حمدي
تمر علينا ذكرى أليمة متجدّدة بطلها المدرب الأجنبي لمنتخبنا الوطني الذي لم يذق حلاوة تدريب فريقه ولم يهنأ بلهيب صيف العراق سوى نهار واحد، ففي مثل هذه الأيام من مطلع شهر آب عام 2015، هرب المدرب البوسني حاجي بعد يوم واحد في بغداد على خلفية تهديد مجهول المصدر بتصفيته إن استمرّ بالمهمة المستحيلة التي لم يُكتب لها النجاح لتناط المهمة بالمدرب المحلي يحيى علوان ويتم تدارك الموقف سريعاً وإن تكن أنباء التهديد قد غطّت أرجاء المعمورة، ومن واقع أن التاريخ يعيد نفسه في عراق اليوم فإن ذات السيناريو قد أعيد اليوم مع السويدي إريكسون والفرق الوحيد أن الرجل لم يصل الى العراق وأختصرت المهمّة على تهديده وهو قابع في بلده على حد رأي أعضاء اتحادنا الكروي.
حادث متجدّد أعاد طرح اسئلة معلّقة تدور في فلك الخواطر ولم نقتنع حتى الآن بإجابة شافية منها، لماذا تستهدف كرتنا ومنتخباتنا الوطنية بهذه الطريقة البشعة التي تنال منا كبلد آمن؟ كأن من يفعلها إنْ حدثت حقاً يحاول ضربنا في صميم استقرارنا ويعيدنا الى عهد حظر اللعب في الملاعب العراقية فكما نعلم أن أنباء التهديد تتداولها الوكالات الخبرية حول العالم بسرعة البرق مع إضافات وقصص مطولة.
يقيناً إن ما جرى مع حاجي واريكسون سيتكرر مع الآخر الجديد وبذلك نستنفد الوقت والجهد والمال في البحث بلا طائل مازال مصدر التهديد حراً طليقاً له مساحة واسعة من الحركة والاستهداف داخل العراق وخارجه، وبمتابعة دقيقة فإن جميع الخطوط توصلنا الى نتيجة واحدة هي رغبة من يستهدفنا في الإبقاء على المدرب المحلي كخيار وحيد مع المنتخبات الوطنية والتخلي عن فكرة التعاقد مع الأجنبي أي كان شكله ووجهته هذا هو الحال !
الواقعية تحتم علينا عدم ترك منتخبنا هائماً على وجهة خاصة بعد أن قرب أفول مهمة الكابتن باسم قاسم الذي أرى إنه الأصلح والأنسب وسط هذه الأجواء المشحونة بألوان المشاكل والمطبات التي لا يستطيع اي منصف نكرانها إطلاقاً وتكللت بحل منتخب الناشئين وهيكلة منتخب الشباب وانهاء مهمة المنتخب الأولمبي بطريقة مفجعة.
إن الذي يحصل ونشاهده اليوم لا يمكن تحمله بأي حال من الاحوال ويستلزم من اتحاد الكرة في الايام المقبلة وقفات جادة شجاعة تستوعب الصدمة والدرس وتعمل بمخزون خبرة جميع الأعضاء ومن يقف في صفهم بالاستشارة والعمل واستحضار جميع التجارب السابقة على صعيد دوري الكرة النخبوي وتشكيل المنتخبات الوطنية بثبات واستمرارية ممنهجة للمستقبل، نعم إن الجروح موغلة ومؤثرة ولكن تطبيبها ممكن بخيارات العمل الموضوعي المنطقي الذي يكون وفق المنطق وما هو متوافر وليس باللهاث والمراوغة خلف أطر تقليدية مستنسخة في العمل كلجان وغيرها من المفردات والأكثر أن لا يشعر اتحاد الكرة بجميع الاعضاء إنه يعوم عكس تيار جارف يقف بالضد منه كما صوّر بعضهم الإعلام الرياضي بهذا الاتجاه على العكس تماماً فدوري الكرة والمنتخبات والنتائج ملك لجمهور العراق وفخر لنا جميعا ونحن نرنوا ببصرنا صوب النتائج والتتويج وإنهاء هذه القصص المملة التي أكلت من جرف رياضتنا كثيراً وآن الآوان لإثبات العكس.