TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شناشيل: قرار غير صحيح لشرطة بابل

شناشيل: قرار غير صحيح لشرطة بابل

نشر في: 29 أغسطس, 2018: 08:59 م

adnan.h@almadapaper.net

 عدنان حسين

هكذا، بجرّة قلم وبقرار غير مدروس من كل الجوانب، اتّخذت قيادة شرطة بابل، ومن خلفها المحافظة ومجلس المحافظة في ما يبدو، إجراءً بمنع دخول الأحداث (تحت سنّ الثامنة عشرة) الى المقاهي، فارضة على أصحاب المقاهي التعهّد الرسمي المكتوب بتنفيذ القرار، ومنظّمةً "حملات أمنية ليلية" على المقاهي بحسب بيان لها..!
من المؤكد أنّ أفراد قيادة شرطة بابل وعناصر شرطة المحافظة والمحافظ وأعضاء مجلس المحافظة وآباءهم وأعمامهم وأخوالهم وأجدادهم كانوا من روّاد المقاهي، وأنهم بدأوا بريادة المقاهي منذ سن الرابعة عشرة أو أقل، بمفردهم أو مع آبائهم، مثلما كان يفعل سائر الناس على الدوام.
المقاهي لم تكن مشكلة. وهي الآن ليست المشكلة إلا بالنسبة لهؤلاء الذين يقصُر تفكيرهم عن التوصل الى الحلول الصحيحة للمشاكل.
بعد عمر الثانية عشرة أو الثالثة عشرة بدأتُ شخصياً بارتياد المقهى في أوقات الفراغ (العطلات الدراسية خصوصاً) مع زملائي في متوسطة ثم إعدادية المدحتية (محافظة بابل) .. كان المقهى بالنسبة لنا ليس مكاناً للعب الدومينو فقط وإنّما هي ملتقى ثقافي وسياسي.. كنّا في العادة نتبادل المعلومات والأفكار عن آخر ما قرأناه في الكتب والمجلات الثقافية والفنية، ونتناقش في هذا مطوّلاً، وكثيراً ما كنّا ننتهي الى تبادل تلك الكتب والمجلات في المقهى. كان ثمة معلمون ومدرّسون وسواهم أكبر منّا يرتادون المقاهي ويفتحون معنا موضوعات سياسية ويلقنوننا أفكاراً وطنية تتطلع الى مستقبل أفضل للعراق وأهل العراق، فكان المقهى مدرسة أخرى موازية ومساعدة لنا .. بعد سنوات ظهر بيننا شعراء وكتّاب قصة وفنانون وصحفيون (أحد هؤلاء أنا) فضلاً عن المعلمين والمدرسين وأساتذة الجامعات والموظفين المرموقين.
ليس المقهى بذاته هو المشكلة، وليس حلّ مشكلة التصرفات غير المقبولة لبعض مَنْ يوصفون بالأحداث، يكون بمنع دخول الأحداث كلهم إلى المقاهي..
واحدة من أكبر مشاكل الحكم في بلادنا في عهدها الجديد (الحالي) غير الزاهر، هي اللجوء إلى أسهل الحلول.. هذه في الواقع ليست حلولاً بل هي في الغالب تزيد من تفاقم المشاكل المُراد حلّها.
منع الأحداث من ارتياد المقاهي يعني إلقاءهم إلى الشارع، والشارع أكثر خطورة من المقهى إذا كان ثمة خطر كامن في المقهى.. الأحداث والشباب ليس لديهم بديل آخر، لا مكتبات عامة ولا مراكز ثقافيّة ورياضيّة.
قيادة شرطة بابل برّرت قرارها بأنه جاء " استجابة لمناشدات العديد من أولياء الامور في المحافظة عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول ارتياد أبنائهم من الأحداث والصغار بعض المقاهي".
هذا ليس مبرراً يمكن أن يقبل أو يقتنع به عاقل.. الآباء هم أنفسهم تقع عليهم المسؤولية الأكبر عن سلوك أبنائهم الصغار، وكان الأولى بالآباء أن يطالبوا بتوفير المراكز الثقافية والرياضية لأبنائهم، وهذا ما كان على قيادة شرطة بابل أيضاً التفكير فيه والعمل لأجله، وليس الذهاب مباشرة إلى أسهل الحلول التي لن تحلّ "رجل دجاجة" بحسب تعبيرنا الشعبي الدارج.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram