ثائر صالح
الترومبون هو أحد الأدوات الموسيقية التي تنتمي الى عائلة النحاسيات (البراص)، من الأعضاء "المؤسسين" للأوركسترا الكبيرة، فهي أداة لم تتغير كثيراً منذ القرن الخامس عشر بخلاف كل الأدوات الموسيقية الأخرى. جاء اسمها من الايطالية، وهو صيغة تفخيم لكلمة ترومبا التي تستعمل للدلالة على الترومبيت. معنى الكلمة في الأصل الأنبوب، واقتبسته التركية للدلالة على المضخة أو الأنبوب ومنه جاءت كلمة الطرمبة العراقية كذلك.
يتكون الترموبون من أنابيب ملفوفة مصنوعة من البراص، ويتألف من جزأين ينزلق الثاني في الأول بحسب رغبة العازف، إذ تصدر النغمات المطلوبة بتحريك الجزء القابل للإنزلاق إلى الأمام وإلى الخلف وبذلك يجري تقصير أو تطويل الانبوب. طريقة العزف هذه تشبه طريقة العزف على الكمان، ففي كلتي الحالتين يتعين على العازف تقدير المكان "المناسب" لوضع الجزء المنزلق معتمداً على سمعه حتى يحصل على النغمة المطلوبة. للترومبون فتحة اسطوانية تنتهي على هيئة جرس، أما المبسم فعلى هيئة كأس صغير، وهو المكان الذي ينفخ فيه العازف الهواء ومنه يصدر الصوت باهتزاز الشفتين داخل المبسم.
يتميز صوت الترومبون بالقوة، ويشبه في لونه صوت الترومبت الذي تطوّر من الترومبون، رغم أن الترومبون الباص يتمتع بصوت أكثر امتلاء وعنفواناً في طبقة الاوكتاف الواطئ.
استعمله المؤلفون منذ عصر النهضة، وكذلك مؤلفو عصر الباروك الأول مثل جوفاني غابرييلي وعمه أندريا غابريللي (كتبت عنهما في 29 نيسان 2017)، وهما من أشهر من كتب لجوقة النحاسيات في عصر الباروك. استعمله كلاوديو مونتفردي ببراعة في أعماله الاوبرالية والدينية. لكن استعمال الترومبون لم يكن منتشراً بشكل كبير، فقد استعمله باخ في بعض كانتاتاته، واستثمر هندل ميزاته الصوتية في أوراتورياته، خاصة في المارشات الجنائزية لأعماله شاؤول وشمشون. دخل الترومبون الاوركسترا السيمفونية على يد مؤلف اسمه يواخيم نيكولاس أيغرت (1779 - 1813)، واستعمله بيتهوفن في سيمفونياته الخامسة والسادسة والتاسعة. أصبح الترومبون عضواً ثابتاً في الاوركسترا السيمفونية بحدود سنة 1840 بالذات بسبب استعماله من قبل بيتهوفن الذي كان قدوة الموسيقيين.
استعمل الترومبون في جوقة النحاسيات منذ الثورة الفرنسية، واستعمله أكتور برليوز في سيمفونيته الجنائزية والاحتفالية الكبرى التي كتبها لجوق الهوائيات والكورس، حيث كتب جزءاً منفرداً للترومبون في الحركة الثالثة (مارش الانتصار). ألف برليوز هذه السيمفونية لمرافقة جثامين الثوار الذين قتلوا في ثورة 1830، أداها حوالي 200 عازف ومغني وهم يسيرون في موكب التشييع.
دخل الترومبون موسيقى بداية القرن العشرين كذلك، فهو يستعمل في فرق الجاز والديكسي حيث أخذ العازفون يتفننون في العزف عليه بشكل منفرد (صولو) أيضا.