علي حسين
أتخيل المواطن العراقي المسكين المحاصر بانعدام الخدمات والبطالة وشرور الطائفيين، في البصرة أو في بغداد أو في الموصل، وهو يتأمل السيد نوري المالكي يخبره أن"فخامته"لن يرشح نفسه لمنصب رئيس الوزراء، وإنه سيتفرغ لمشروعه"الإصلاحي"، وسيفرك المواطن العراقي عينيه متسائلاً وهو ينظر الى صور المرشحين للمنصب: هل نحن نعيش في بلاد تسخر من مواطنيها وتستغفل عقولهم بشكل قاسٍ إلى هذا الحد؟ هل صار العراقيون بحاجة إلى مسؤولين متهمين بملفات محسوبية وفساد، كي يأخذوا بأيديهم نحو الخراب؟ وما الأفضل للناس البقاء أسرى تغريدات وفيق السامرائي عن المنبطحين، أم الإستعانة بالسوبرمان"فالح الفياض"؟.
ماذا كان يفضّل العراقيون حقاً: العدالة الاجتماعية والرفاهية والأمان، التي مايزال جميع السياسيين يتغنون بها من أجل الحصول على مزيد من الامتيازات والأموال المنهوبة والمناصب، أم القتل المجاني والبطالة ونهب الثروات؟ من أوصل المواطن المسكين إلى هذا الخيار، إما القتل على يد القوات الامنية"البطلة"في البصرة، أو الهتاف لمحافظ البصرة الذي يريد أن يحرر المحافظة من الاستعمار الفرنسي؟ ماذا حدث لـ"دولة الإصلاح"أين غابت خطب النزاهة و الشراكة والقضاء المستقل؟ بماذا يفكر العراقي وهو يرى المسؤولين الايرانيين يسخرون من معاناته ويقولون له بكل بساطة لم يحن الوقت بعد لأن تصبح صاحب قرار حرٍ، فما زال هناك الكثير من الصواريخ الباليستية التي نريد أن نجربها! ماذا سيقول المواطن العراقي في نفسه ولنفسه عندما يرى أن تضحياته على مدى عقود كاملة انتهت إلى إقامة نظام سياسي تتولى إدارته حنان الفتلاوي وصالح المطلك ومحمد الحلبوسي وتنطق باسمه عالية نصيف.
يبدو الأمر سريالياً، ونوعاً من مسرحية عبثية لم يكتب مثلها حتى المرحوم صمويل بيكيت، ففي بلاد تعجز القوات الأمنية وتتخاذل عن إلقاء القبض على أحد"المفسدين"، لكنها تمارس هيبتها وسلطتها ورصاصها الحي ضد متظاهرين عزل.
بعد خمسة عشر عاماً من وصول إسلاميي العراق الى السلطة، حصلت أحداث"سارة"في بلاد الرافدين. أبرزها إنْ تسمم 1500 مواطن غير مهم في نظر"الحاجة"عديلة حمود، ومقتل شباب التظاهرات في البصرة أمر بسيط في نظر حيدر العبادي، لم تعد مسألة الإصلاح مهمة ولا ملاحقة الفاسدين، المهم أن الجميع يعتقد أنه الأحق بالجلوس على كرسي رئاسة الوزراء.