بغداد/ المدى
قدّرت تقارير غربية عدد الصواريخ الباليستية التي نقلتها إيران الى العراق مؤخراً ببضعة عشرات، معتبرة أنها تُهدّد بتفجير الوضع في المنطقة، وقد نفت المصادر الإيرانية صحة هذه المعلومات.
إذا صح ما أوردته هذه التقارير، فهل هذه هي المرة الأولى التي تُنقل صواريخ من إيران الى العراق؟
خلال معركة تحرير مدينة تكريت من تنظيم داعش في آذار 2015، قالت تقارير صحفية روسية، إن ايران التي تواجه عقوبات دولية بسبب ملفها النووي ــ في ذلك الوقت ــ تزوّد "الحشد الشعبي" بمواد لتصنيع صواريخ فتاكة متعددة الأحجام، يجري تصنيعها في معسكرات سرية، ودخلت الحرب حديثاً، لتحرير محافظة صلاح الدين من التنظيم.
وكشفت التقارير حينها نقلاً عن مقاتلين في صفوف "الحشد الشعبي"، الذين شاركوا سابقاً في تحرير جرف الصخر (النصر)، "إن مواد تصنيع الصواريخ التي يُصنعها الحشد، أحياناً تصل من إيران". وأضافوا: "يتم نقل المواد بالتنسيق مع المسؤولين الكبار في الحشد، وبعلم الحكومة الاتحادية".
وبعد تلك الحادثة بـ 3 أشهر، قالت تقارير صحفية غربية، إن الجنرال الإيراني قاسم سليماني، عاد الى العراق ــ بعد فشل الفصائل الشيعية باقتحام تكريت، حيث كانت حصون داعش قوية ــ حاملاً معه صواريخ "زلزال" الإيرانية.
جاءت تلك الأحداث بعد أيام من سقوط الرمادي بيد داعش، ونشر العديد من المواقع القريبة من الفصائل الشيعية في ذلك الوقت، صوراً للجنرال الإيراني قاسم سليماني ولقاطرات تحمل شحنة مغطاة قيل إنها تتعلق بصواريخ ومنصات إطلاقها قادمة من إيران لدكّ مواقع داعش في الرمادي.
والصاروخ "زلزال" الذي قيل إن إيران أرسلته منذ عام 2015 الى العراق، هو أحد الصواريخ الذي أكد تقرير لـ(رويترز) قبل 3 أيام، بأنه ضمن شحنة الصواريخ الباليستية التي نقلتها طهران الى الفصائل الشيعية المسلحة، وبأن أماكن تواجد مصانعها تقع في الزعفرانية، شرقي بغداد، وجرف الصخر شمالي كربلاء.
ويطلق على الصواريخ العابرة للقارات "باليستية". وتعتمد فكرة الصواريخ الباليستية الحديثة على تصميم صاروخ "في 2" الذي صنعته ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية. ويمكن إطلاق هذه الصواريخ، بحسب خبراء عسكريين، من قواعد أرضية أو صوامع تحت الأرض أو حتى بواسطة منصات متحركة على الناقلات أو القطارات، ويمكن إطلاقها من الغواصات والسفن والطائرات.
وبحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية نشر مطلع العام الحالي، فإن طهران انفقت خلال السبع سنوات الماضية 1500 مليار دولار لتطوير الصواريخ الباليستية التي يصل مداها الى أكثر من 2000 كم.
وفي حزيران الماضي، أعلن قيس الخزعلي، قائد فصيل "عصائب أهل الحق" أن فصيله يمتلك نوعين من الصواريخ، كما كرر هادي العامري زعيم "منظمة بدر"- وهي إحدى أكبر تشكيلات الحشد- في اكثر من مناسبة تأكيده أن فصيله "صار أقوى من الجيش".
وأشار تقرير "رويترز" الأخير، الى أن الصواريخ هي من نوع "ذو الفقار" و"فاتح- 110"، و"زلزال"، ويتراوح مداها بين 200 و700 كم، الأمر الذي يضع مدينتي الرياض السعودية وتل أبيب الإسرائيلية في مرماها.
في المقابل "استغربت" وزارة الخارجية العراقية، الأنباء التي تحدثت عن تلقي "جماعات مسلحة عراقية" صواريخ باليستية من إيران.
وقال المتحدث باسم الوزارة أحمد محجوب، في بيان امس، إن "وزارة الخارجية العراقية تستغرب الادعاءات التي ساقها تقرير صحفي حول تلقي جماعات مسلحة عراقية صواريخ باليستية من إيران".
وأضاف محجوب أنه "في الوقت الذي تؤكد فيه الوزارة أن العراق غير ملزم بالرد على تقارير صحفية لا تمتلك دليلاً ملموساً على إدعاءاتها ومزاعمها، فإنها تؤكد أن جميع مؤسسات الدولة العراقية مُلزمة وملتزمة بالمادة السابعة من الدستور والتي تنصّ على عدم استخدام الأراضي العراقية مقراً أو ممراً لأيّ عمليات تستهدف أمن أي دولة أخرى".
ونقلت "رويترز" عن مصدر في المخابرات العراقية، قوله إن مصنع الزعفرانية أنتج رؤوساً حربية ومادة السيراميك المستخدمة في صنع قوالب الصواريخ في عهد نظام صدام حسين، وأضاف أن جماعات شيعية محلية جددت نشاط المصنع عام 2016 بمساعدة إيرانية.
وتابع المصدر قائلاً، إنه تمت الاستعانة بفريق من المهندسين الشيعة ممن عملوا في المنشأة في عهد صدام، بعد فحص سجلاتهم، لتشغيل المصنع. وقال إنه جرى اختبار الصواريخ قرب جرف الصخر.
وفي أيار الماضي، نقلت "رويترز" عن مصادر عسكرية واستخباراتية قولها، إن رئيس الوزراء حيدر العبادي وضع خطة تقضي بسحب الأسلحة الثقيلة من فصائل الحشد الشعبي وتقليص أعدادها إلى النصف". وأضافت المصادر، أن الخطة تقضي بأن "يصدر العبادي أمراً لقادة الجيش والشرطة بتسلّم تلك الأسلحة الثقيلة بحجة إصلاحها".
وفي ضوء أنباء نقل الصواريخ "الباليستية" الى العراق، أبدى وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، قلقه بشأن تلك التقارير، وقال في حسابه على "تويتر"، بعدما اتصل قبل أيام برئيس الوزراء حيدر العبادي: "نشعر بقلق بالغ إزاء التقارير الخاصة بقيام إيران بنقل الصواريخ الباليستية إلى العراق. إذا كان هذا صحيحاً، فسيكون انتهاكاً صارخاً للسيادة العراقية ولقرار مجلس الأمن رقم 2231".
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، بهرام قاسمي، قد نفى ما تم تداوله بشأن نقل صواريخ باليستية من بلاده إلى العراق، واصفاً ذلك الأمر بـ"محض كذب" و"مضحك"، حسب وكالة "إرنا" الإيرانية.
ونفت جهات في الحشد الشعبي، أمس، الأنباء المتعلقة بنقل الصواريخ الى فصائل عراقية مسلحة، وأكدت أن "الحشد" لم يتلق السلاح بشكل مباشر من إيران، وإنما عن طريق وزارة الدفاع العراقية حصراً.
كما أفادت هذه الجهات، بأن الصواريخ التي تم ذكرها في تقرير "رويترز" هي من صناعة الحشد الشعبي، وتم عرضها في احتفالات النصر على تنظيم داعش الذي أقيم في بغداد نهاية العام الماضي، وأشارت الى أن مداها لا يتجاوز الـ 50 كيلومتراً.