إياد الصالحي
انتصار الإرادة أثناء معارك الحياة لا يُحدّدْ بنتائجها وقوة الخصوم ومساحات الدعم المتوافرة له مقارنة بما لديك، بل بقبولك الاستمرار في الهجوم والدفاع بلا يأس برغم إيمانك أن الخسارة واردة إن لم تكن وشيكة، لكن المهم هو إيمانك بقرار عدم التراجع كونه الحدّ الفاصل عن الشعور بالهزيمة والعار داخل نفسك.
معارك الحياة لا تعرف صغاراً وكباراً، فقد تجد ناشئاً يُلقنك درساً بإيماءة لا تنساها طول عمرك، أو شاباً شجاعاً لا يتردّد من المغامرة في مهمة مستحيلة من أجل إسعاف موقف خطير، وبين هذا وذاك يفتخر العراق بمنتخب الأمل الذي قاده المدرب الغيور فيصل عزيز عندما أعدَّ حقائب سفر منتخب الناشئين لمهمة طارئة تم اختيار عناصره على عجالة في ليلة إلقاء سلطات أمن مطار بغداد القبض على تسعة لاعبين مزوّرين بجوازات سفرهم قبيل توجههم للمنافسة في بطولة غرب آسيا بعمّان 1- 9 آب الحالي.
إن قبول فيصل المشاركة بلا ضعف أو خوف أو توجّس من تبعات هزائم ثقيلة تغلق ملفه التدريبي للأبد هو تأكيد حقيقي بأن إرادته سَمَتْ مع نداء العراق مطيعة للدفاع عنه في محفل غير سهل، ودليل آخر على أن ساحته مليئة بالمواهب القادرة على تمثيله في أي وقت، كما هي رسالة بحدّ ذاتها على أن هدف المشاركة في هكذا فئة ضمن مسابقة كرة القدم تنمّي الشعور الوطني لدى اللاعب الصغير بأنه محط فخر مسؤولي اللعبة والجمهور والإعلام دون التوقّف كثيراً على نتائجه ومستواه.
إن اتحاد الكرة ولجنة المنتخبات أمام مرحلة جديرة بالعناية من كل جوانبها، مثل هكذا مدرب مخلص يجب أن لا يتم التخلّي عنه أو تقييم كفاءته وفق ما أنتهت إليه مشاركته بعمّان، بالعكس يجب أن يمنح الحافز الحقيقي لمواصلة الاهتمام باللاعبين الأشبال خاصة كونه متمرّساً مع هذه الفئة، وأثمرت نتائج عمله اكتشاف أكثر من لاعب واعد يستطيع تحمّل الواجب الوطني عند استدعائه مستقبلاً، فالقرار الحازم لدى أي مدرب هو من يميّز شخصيته ويمنحه نقاط المفاضلة مع زميله، لا شيء أصعب من إعلان الرغبة بكل ثقة للوقوف في منطقة فنية لقيادة منتخب لم تتوفر له أبسط حقوق التحضير ويشعرك أنه في قمة الاستعداد لإنجاح الحضور العراقي في القارة، وكذلك عندما يجابه حرباً شرسة يقودها بعض المدربين المتضرّرين ممن فشلوا في صون أمانة جيل جديد، فإنه يكابر فوق الجرح بنفسٍ عزيزة من أجل إتمام المهمة، ولن يسقط في فخ المجادلة مع من فقدوا شرف المهنة، وحريّ بهم أن يتعلموا منه كيف رفع رأسه نزيهاً وفخوراً بأداء واجبه الوطني.
دعونا نعيد النظر في تقييم مدربي الفئات العمرية سواء لمدرسة وزارة الشباب أم اتحاد الكرة، فهناك الكثير منهم يتحدثون ويعدون ويتفائلون أكثر من عملهم ونتائجهم التي غالباً ما تصدمهم وتفضح نواياهم السيّئة ومخادعاتهم لوسائل الإعلام، نريد مدربين صادقين يخافون على مسؤولياتهم مع النشء الجديد لئلا يعبث في مستقبلهم منتفع من جرائم التزوير بسبب قربه من الاتحاد أو المدرب أو حمايته من جهة ما، وما يدور من حكايات في الوسط الكروي عن هذا الأمر يحتم على الاتحاد البدء بتنقية ملف الفئات من جميع النواحي، وأولها رفع ملفات 622 مزوّراً بحسب تصريح رسمي من لجنة فحص اللاعبين دققت مستمسكاتهم الرسمية قبيل بدء بطولتي الناشئين والشباب إلى الجهات القضائية مع المتورطين في أوراقهم وإلا سيعودون ثانية وثالثة من نوافذ أخرى!
تحية كبيرة للمدرب فيصل عزيز ولاعبيه الصغار، وما شهادة الخبير الكروي د.عبد القادر زينل به وبلاعبيه التي قدّمها عبر (المدى) اليوم إلا قلادة فخر بقيمته الفنية والأخلاقية لما عُرف عن زينل من معايشته أجيالاً عدّة عانت الأمرّين من مشاكل فنية نتيجة تهوّر مدربيهم بسلوكيات منحرفة في شأن تلاعب بالأعمار أساءوا لسمعة البلد، فيما هناك مدربون ملتزمون يتحدث عنهم زينل بغبطة ويرى فيهم أمل إنقاذ اللعبة من واقعها المتهالك!