TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كواليس: هكذا سيستمر تحجيم ذائقة الجمهور المسرحي؟!

كواليس: هكذا سيستمر تحجيم ذائقة الجمهور المسرحي؟!

نشر في: 14 أغسطس, 2018: 12:00 ص

سامي عبد الحميد

تضطر دائرة السينما والمسرح التابعة لوزارة الثقافة أحياناً إلى تقديم عروض مسرحية فيها أنفاس المسرح التجاري الذي يبغي الربح المالي أكثر من الربح الفني وتفعل ذلك لكي تتمكن من الصرف على أعمال مسرحية جادة وذلك لأن وزارة الثقافة لم تفكر في دعم الفرقة الوطنية للتمثيل، وهي فرقة الدولة، مالياً لكي تستطيع إنتاج مسرحيات بمستوى فكري وفني مرتفع، كما هو الحال في معظم الدول المتقدمة في الفن المسرحي. لتداخلات إدارة دائرة السينما والمسرح في إحدى السنوات السابقة عندما شرعت قانوناً يعتبر هذه المؤسسة الفنية شركة تجارية تعتمد في انتاجاتها على التمويل الذاتي ويومها كانت تقدم أعمالاً مسرحية متدنية بغية استدراج جمهور غفير لمشاهدتها وبالتالي تحصل جراء ذلك على مردود مالي كبير. وهي اليوم تكون مضطرة إلى سلوك السبيل نفسه فتقدم بين الحين والآخر مسرحيات تسميها كوميديا شعبية كي تغري جمهوراً واسعاً لمشاهدتها وبذلك تعوّد هذا الجمهور الواسع على ارتياد المسرح الوطني كي يتسلى بمشاهدة ممثلات وممثلين يضحِكونهم ويعتقدون بأن المسرح هو هذا الذي يشاهدون عروضه السلبية المضحِكة وليس غير وإن عدداً من الممثلين في هذا النوع من المسرحيات أصبحوا نجوماً في عالم الفن المسرحي من جهة أخرى تقدم الفرقة الوطنية للتمثيل أعمالاً مسرحية يقال عنها كونها جدية أو جادة وأغلبها يسودها الغموض والإبهام والتشويش بحجة التجديد والخروج على المألوف ونبز تقنيات المسرح التقليدي. ويأتي لمشاهدة مثل تلك الأعمال عدد محدود من المتفرجين وفي الغالب من متذوقي الفن المسرحي ودارسيه ونادراً ما يأتي لمشاهدتها غير أولئك. وهكذا تزداد رقعة وحجم جمهور مسرح التسلية وتتقلص رقعة وحجم جمهور الفن المسرحي الأصيل وبذلك تتحجم الذائقة بعكس ما يحدث في البلاد المتقدمة حيث تتسع رقعة جمهور الفن المسرحي وتتقلص رقعة جمهور مسرح التسلية أو تبقى على حالها.
الآن والعراق مقدمُ على تشكيل حكومة جديدة وبعد أن تخلصنا من هجمة همجية شرسة من إرهابيين جهلة ومقدمٌ على أعمار ما دمره أولئك البغاة اللبنية المادية والعمرانية وللبنية البشرية فأعتقد بأن واجب الحكومة القادمة أن تضع في خطتها التنموية الإعمارية ما يؤدي إلى إعمار المادة والبشر في آن واحد. ولعل الفن المسرحي الملتزم والرصين واحد من أهم وسائل التنمية البشرية فهو بالاضافة إلى كونه الوجه الحضاري البارز للبلد فهو إحدى وسائل التهذيب والتثقيف والتوعية. اننا على هذا، نتمنى أن تضع وزارة الثقافة في الحكومة الجديدة جزءاً من ميزانيتها مخصصاً لدعم الفرقة الوطنية للتمثيل لكي لا تضطر إلى ارضاء رغبات جمهور العامة بأعمال مسرحية تحجم ذائقتهم، كما انني أدعو الحكومة الجديدة إلى أن تعيد الاعتبار لدائرة السينما والمسرح كمؤسسة لا تعتمد على التمويل الذاتي بل على التمويل المركزي وبذلك تساهم في رفع مستوى الأعمال السينمائية والمسرحية كما كان البعض منها في العهود السابقة.
وبعد هذا أدعو وزارة الثقافة والآثار والسياحة في الحكومة الجديدة أن تتخذ من الفن المسرحي مرفقاً سياحياً يعتمد خطة لتقديم أعمال مسرحية عن حكايات ألف ليلة وليلة وأخرى عن ملحمة كلكامش لتصبح تقليداً سنوياً يُقبل للمشاركة فيه ومشاهدته جمهور من العرب والأجانب، فالحكايات والملحمة من التراث الأدبي لبلدنا العزيز المتقدم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: أحلام المشهداني

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

قناديل: بغدادُنا في القلب

عنوانان للدولة العميقة: "الإيجابية.. و"السلبية"

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

 علي حسين ما معنى أن تتفرغ وزارة الداخلية لملاحقة النوادي الاجتماعية بقرارات " قرقوشية " ، وترسل قواتها المدججة لمطاردة من تسول له نفسه الاقتراب من محلات بيع الخمور، في الوقت نفسه لا...
علي حسين

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
د. فالح الحمراني

السرد وأفق الإدراك التاريخي

إسماعيل نوري الربيعي جاك لوغوف في كتابه "التاريخ والذاكرة" يكرس الكثير من الجهد سعيا نحول تفحص العلاقة المعقدة، القائمة بين الوعي التاريخي والذاكرة الجماعية. وقد مثل هذا المنجز الفكري، مساهمة مهمة في الكتابة التاريخية،...
إسماعيل نوري الربيعي

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

توماس ليبلتييه ترجمة: عدوية الهلالي بالنسبة للبعض، تعتبر الرغبة في استعمار الفضاء مشروعًا مجنونًا ويجب أن يكون مجرد خيال علمي. وبالنسبة للآخرين، فإنه على العكس من ذلك التزام أخلاقي بإنقاذ البشرية من نهاية لا...
توماس ليبلتييه
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram