TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مجرد كلام: عصر القوة

مجرد كلام: عصر القوة

نشر في: 14 أغسطس, 2018: 12:00 ص

 عدوية الهلالي

قبل أيام ، تناقلت مواقع التواصل الاجتماعي واقعة (دك) منزل الجاني الذي قام بقتل عائلة كاملة في منطقة الطالبية والذي يستحق الاعدام وفق القانون ،و(دك) المنازل هو مصطلح عشائري يعني تطويق منزل من يقترف جرماً بحق أحد أفراد عشيرة ما من قبل أبناء تلك العشيرة ثم اطلاق الرصاص عليه بكثافة ولايهم ان كان المنزل خالياً أم يضم أشخاصاً لاعلاقة لهم بالجريمة وهو ماحدث في الطالبية تحديداً اذ أدى (دك) منزل الجاني الى قتل طفلين وأمراة حسبما ورد من تعليقات على الخبر ..
ولمن لايعرف هذا الطقس العشائري فهو قديم وكانت تتم ممارسته في القرى والأرياف لإرهاب المجرمين ومحاسبتهم ، ثم انتقل الى المدينة مع طقوس أخرى عديدة بعد أن عاد الانتماء العشائري ليحتل مكانة بارزة في المجتمع العراقي ، وصار يمكن للفرد أن يستمد قوته ليس من تواجد القانون في البلد بل من قوة عشيرته ومساندتها له ..فمنذ سنوات ، ونحن نعبر عن ارائنا بالسلاح بعد أن صار في متناول يد الجميع ..فنحن نطلق الرصاص حين نفقد عزيزاً ونطلقه أيضاً حين نحقق انتصاراً رياضياً ، ويمكن أن تحمله عشيرتان لتخوضا به معركة بسبب خلافات عائلية أو سوء تفاهم فالقانون في البلد حالياً لايعبأ بتحوّل المجتمع الى غابة عشائرية بل يختبئ تحت عباءة المسؤولين وكلٌ يفصّله حسب مقاساته فيمرر عبره صفقاته المشبوهة ويصطاد به المناصب ويتمسك بها وكأنها خلقت ليحتكرها فرد أو كتلة أو طائفة ..
حين خرجت اليابان من فاجعة هيروشيما وناكازاكي لم تستسلم للفوضى أو تتحين الفرص للانتقام ممن جعلها ساحة لتجربة السلاح النووي بل استغلت نزع السلاح عنها لتلتفت الى امكانيات شعبها الفكرية والعلمية ، وخلال فترة تعتبر قياسية بالنسبة لتطور الشعوب ، تحوّلت اليابان الى اهم دولة في عالم التطور العلمي والتكنولوجي فضلا عن تمسكها بالقيم الحضارية ونبذها لكل مايعيق تقدمها من عادات وتقاليد بالية ..في مايخصنا ، اعتدنا أن تكون بلادنا ساحة لتجربة كل أنواع الاسلحة فهي تقفز من حرب الى أخرى ومن صدام مسلح الى آخر لدرجة أن من ينادي بالديمقراطية هو ذاته الذي يقمع المظاهرات بقوة السلاح ، ومن يدعو الى الإصلاح هو ذاته الذي يتجاهل تحوّل البلد الى معسكر والشعب الى جيش مسلح إنْ لم يكن بالبنادق فبالافكار الطائفية والقبلية والهدامة التي أعادت المجتمع العراقي الى عصر القوة ..وبقوة ...
نحن مجتمع يحلم بالديمقراطية لكننا لانفهم منها أكثر من مشاركتنا في انتخابات ( مهلهلة ) ومدانة أبداً بالتزوير ، فنحن نمارس الديمقراطية في السياسة فقط وبطريقة آلية بينما ينبغي علينا أن نعيشها فكراً وسلوكاً ..وقد تكون أولى الخطوات نحو تحقيق ذلك هي اعتبار السلاح وسيلة للدفاع عن البلد ضد أعدائه فقط وليس وسيلة لقتل الوعي والفكر والحضارة..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram