إياد الصالحي
باشر ثامن مدرب أجنبي العمل مع منتخبنا الوطني منذ عام 2003 في متوالية صارت شؤماً عليه لعدم نجاح أي منهم في الاستمرار معه ، وعدم انتهاج سياسة طويلة الأمد كالتي ينص عليها العقد، بما فيهم البرازيلي فييرا المساهم في إحراز لقب أمم آسيا عام 2007 خلال شهرين فقط وسقط بعد عامين في خليجي مسقط غير مأسوفٍ عليه فضلاً عن مداراته مصلحته أولاً حاله حال البقية.
ربما خرج " الخواجة " الجديد السلوفيني ستريشكو كاتانيتش عن إعتداد اسلافه ، الألماني بيرند ستانج ، والبرازيلي جورفان فييرا ، والصربي بورا ميلوتينوفيتش ، والنرويجي إيغل أولسن ، والألماني فولفغانغ سيدكا ، والبرازيلي أرثر أنتونيس كيومبرا الشهير بـ"زيكو" والصربي فلاديمير بتروفيتش، عندما قطع عهداً أمام رئيس اتحاد الكرة عبدالخالق مسعود وعدد كبير من الإعلاميين في مؤتمر أمس الأول الأثنين ( سأظل هنا في العراق ، وإذا ما وجدت أي مدرب آخر يَعِد بالبقاء في العراق وبتحقيق الوصول الى نهائيات كأس العالم بنسبة 100% فسأتصل به وأترك المهمة له).
بغض النظرعن التفاصيل الأخرى التي لم يكن لها مبرّر أن يتفاعل معها بعض الحاضرين وينفعلوا في مؤتمر ضيف الأسود الجديد وحامل آمالهم الآسيوية والمونديالية معاً ، فإن عهد كاتانيتش هذا يحمل قراءتين تنمّ إحداهما عن ثقته بقدرته على التعايش مع العراقيين والتعوّد على بيئتهم التي فشل أغلب المدربين الأجانب الذين سبقوه البقاء فيها لأطول فترة ممكنة لأسباب مختلفة ، وتنصّلوا من إلتزاماتهم الأخلاقية وتذرّعوا بالأسباب الأمنية حتى جعلوا من العاصمة فندقاً للإقامة القصيرة سرعان ما تقلّهم أول طائرة متجهة الى الأردن أو قطر أو بلداهم!
والقراءة الثانية لن نرجم بالغيب إذا ما صارحنا الجميع أن شخصية كاتانيتش التي حللتها وسائل الإعلام في مهماته المتعدّدة وخاصة بالإمارات ، حذّر من فقدان صبره على المطاولة بتدريب الأسود ما بعد أمم آسيا المقبلة إذا حرّكت النتائج السيئة مشاعر الغضب لدى الجماهير وحاصره الإعلام بوابل من الانتقادات المدمّرة التي حاول العديد من المدربين الوطنيين تفادي اضرارها وفشلوا ، ولم يكن الخيار متاحاً سوى فك شراكتهم مع الاتحاد.
استنتاج القراءة الثانية من فم كاتانيتش نفسه ، كيف بمدرّب جديد لم تطأ قدماه أرض ملعب الشعب الدولي بعد ولم يقدّم منهاجه التدريبي أو يسلّم خريطته الفنية الى لجنة المنتخبات كيف يُخرج نصف منديله الأبيض ويُجاهر بأول رأي عن مصير الأسود بالمضي نحو مونديال قطر قائلاً أنه سيتنازل عن مهمته لزميل آخر يسعى لاستقدامه الى بغداد في حال تعسّر الرحلة ؟! هذه العبارة لم تكن مناسبة أن تتصدّر أفكاره في المؤتمر، بل كنا ننتظر أن يمنحنا التفاؤل ويقوّي عزائم رجال المنتخب بأنه جاء لينهي حلمهم الذي طال 32 عاماً ليصبح حقيقة بعد أربعة أعوام بجهودهم وتعاونهم وحماستهم ليس من باب التحفيز المعنوي الفارغ ، بل العمل الميداني والانضباط الشامل الذي لا يفرق عنده بين خطأ اللاعب في وقت استراحته أو أثناء أداء الواجب ، وهذا مؤشّر حاد ربما يغيظ بعض اللاعبين ممن اعتادوا الدلال والأنفة ولن يقبلوا من أحد أن يُشدّدَ أصبعه على فمه ويوبخهم!
مقترح أضعه أمام المكتب الإعلامي لاتحاد الكرة إذا ما أراد أن ينظم شؤون العلاقة بين المدرب وممثلي الصحافة والتلفزة والإذاعة لتبادل المعلومات والمقترحات والاستماع الى وجهات النظر الفنية بهدوء دون افتعال المشاكل ، على المكتب الإعلامي تهيئة ملتقى نصف شهري باسم "أصدقاء كاتانيتش" في قاعة المؤتمرات لتخفيف الضغط عن الرجل وإضفاء شعور مطمئِن أنه يلقى عوناً فاعلأً من الإعلام ليصطف معه ، ويتبادل المخاوف والحرص والتفاؤل والاستدراك عن أية ملحوظة تقوّم أداء الأسود وأي تحليل مهني عن منتخبات إيران واليمن وفيتنام منافسيهم في المجموعة الرابعة لنهائيات آسيا كي يعزّز استعداده لها بأدوات قادرة على نجاح تنفيذ أفكاره في الملعب.
تجارب المدربين السبعة الماضية أثبتت فشلها أمام الإعلام العراقي بسبب قساوة التعبير عن الحرص على سمعة بلدنا الى الدرجة التي دعتْ الصربي بورا لمصارحتي في بالدوحة على هامش تفقّدنا أحد ملاعب المونديال العربي عقب إقالة مواطنه بتروفيتش بـ " أنا مستعدّ لقيادة الأسود حتى آخر يوم من عمري ، لكني لن احتمل صفعات الإعلام العراقي يوماً واحداً.