علي حسين
بات الطريق إلى قتل المتظاهرين في البصرة، عبر رصاص الأجهزة الأمنية وبرعاية وتشجيع جميل الشمري قائد عمليات قنص المتظاهرين وقائد قوات مكافحة"الوطنية"، أقصر مما عداه من طرق، إذ صار التعبير عن الرأي والمطالبة بمحاربة الفساد أخطر بكثير من سرقة المال العام أو جرائم القتل على الهويّة، أو جريمة وضع"......."على كراسي البرلمان، النقاط التي بين قوسين مسموح لك عزيزي القارئ أن تضع المفردة المناسبة للجالسين حديثاً على كراسيّ البرلمان، ولهذا لن يكون مفاجئاً أو غريباً إذا قرر القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي تكريم جميل الشمري ومنحه رتبة أعلى ليقوم بدور حامي حمى محافظ البصرة أسعد العيداني، ماذا تسمّي مثل هذه التصرفات، البعض سيقول غباء، وأنا أسمّيها تسلّطاً واستبداداً حين يعتقد من تسلّموا مناصبهم بالصدفة أنهم قادرون على إرهاب المواطنين.
ولأننا نتحدث عن الصدفة والغباء، كنت قد قرأت قبل سنوات كتاباً طريفاً بعنوان"دور الصدفة والغباء في تغيير مجرى التاريخ"يخبرنا فيه مؤلفه
أريك دورتشميد أنّ هناك ثلاث مراحل للغباء السياسي، أكثرها مهزلة أن يرتبط الغباء بالصدفة، وهذا ما حصل في بلاد ما بين النهرين حيث لعبت الصدفة دوراً في أن يحكمنا حزب الدعوة 15 عاماً مثلما أخبرنا القيادي في الدعوة سامي العسكري في آخر إطلالة تلفزيونية له أن :"وصول حزب الدعوة الى السلطة كان بالصدفة، ولهذا لم يكن الحزب مهيّأ، ولم يكن يعرف أنه سيشارك في الحكم، فقدوجد الجيش الاميركي يحتل العراق فكان لابد أن ينتهز الفرصة"، صدفة عجيبة، لكنها بالتأكيد ولّدت أفعالاً غبيّة، وإلا ماذا سنقول للقيادي في حزب الدعوة كامل الزيدي وهو يردّ على الذين يتهمون الأحزاب الدينية بالفساد إن"الإسلام حكم الأندلس 800 عام ولم تكن هناك حالة فساد واحدة"، هل نضحك أم نبكي، نحيل الأمر إلى العلم الذي يخبرنا أنّ أبسط أنواع الغباء يدفع إلى الضحك، أما أعلى أنواعه فيثير البكاء.
كنت أعتقد أن كارثة العراقيين ومأساتهم أكبر ـ أو هكذا يفترض ـ من أية مماحكات ومزايدات سياسية بين السادة الزعماء، فليس من المعقول أن نعطل البرلمان لمجرد أن نوري المالكي له رغبة في العودة الى رئاسة الوزراء، أو أنّ حيدر العبادي يعتقد أنه استطاع أن يجعل العراق منافساً لليابان وكوريا الجنوبية! لكن وسط كَم الغباء الهائل، سنظل ننظر الى المتظاهرين في البصرة كمجموعة من النبلاء المدافعين عن قيم وطنية يراد سحقها تحت عجلات قوات مكافحة الوطنية.